search-form-close

الجزائر ـ عمالة الأطفال تنتعش في رمضان

  • facebook-logo twitter-logo

الجزائر ـ TSA عربي: يجانب واقع الأسواق والشوارع الجزائرية، التي باتت تعكس صورة خطيرة “لعمالة الأطفال”، الأرقام الرسمية التي قدّمتها وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، على لسان وزيرها مراد زمالي شهر جوان الفارط (2017)، والذي أكد بأن نسبة الأطفال العاملين في الجزائر لا يتعدى الـ0،5%. فبمجرد جولة لـTSAعربي عبر أسواق العاصمة وضواحيها، خلال أيام الشهر الفضيل، يلاحظ العدد الكبير لأطفال منتشرين بشكل لافت عبر الأرصفة والطرقات وهم غارقون في أجواء البيع والشراء لساعات طويلة، رغم صغر سن غالبيتهم.

“نجمة” “محمد” “نعيمة” و “مريم”.. سواعد بريئة لإعالة عائلات

و رغم ترتيب الجزائر من بين أحسن الدول عالميا في مكافحة عمالة الأطفال، إلا أن الواضح أن إنعاكاسات الوضع الاقتصادي الجزائري على العائلات البسيطة، بات محركا حقيقا لعديد الظواهر الاجتماعي الخطيرة، بما فيها دفع العائلات لأطفالهم إلى سوق العمل في سنوات مبكرة، طمعا في دخل إضافي للأسرة، وهو ما تؤكده الطفلة “نجمة” ذات الـ11 عاما و التي التقيناها في أحد زوايا السوق الشعبي بساحة الشهداء، وهي تبيع أكياس “الديول” التي تقول بأنها من إعداد أمّها التي تشتري المواد الأساسية قبل كل موسم رمضاني استعداد لموسم بيع “الديول”، حيث تعد لها يوميا كمية لا تقل عن الـ30 كيسا لبيعه في السوق. وتؤكد نجمة بأنها تعمل في بيع الديول لمساعدة عائلتها على جمع المال لاقتناء ملابس العيد لإخواتها، مضيفة انها تزاول هذا النشاط منذ سنتين الى جانب اختها التي تكبرها بسنتين و التي تبيع نفس المنتوج في سوق الأبيار.

ونتحدث إلى نجمة، قاطعنا “محمد” ذا الـ14 عاما، طالبا فك ورقة ذات 500دج، ليرجع الفكة لزبونه الذي أخذ منه ثلاثة خبزات (خبز البيت)، لنواصل حديثنا معه عن دوافع عمله في سن مبكر، حيث أكد لنا بأنه من عائلة مكونة من ستة أفراد يعجز والده الذي يشتغل اجيرا لدى ورشة للبناء، بان يؤمن كل متطلباتهم، و هو ما دفعه مجبرا الى ترك مقاعد الدراسة و التوجه الى العمل في بيع “الخبز” الذي يقول بأنه يساعد على رفع قدرة الاسرة على مجابهة غلاء المعيشة.

وفي بيع زيت الزيتون والتين المجفف، تشتغل الأختين “نعيمة” (10سنوات)، و”مريم”(12سنة)، لأزيد من أربع ساعات يوميا منذ بداية الشهر الكريم، لمساعدة امهما في تامين مصاريف البيت، حيث تؤكد مريم الأخت الكبرى أنها تعود للبيت متعبة يوميا بسبب مشقة العمل في السوق وصعوبة الصيام، إلا أنها تؤكد حرصها على رفع شيء من العناء عن أمها التي تتكفل بمسؤولية البيت منذ وفاة معيلهم الوحيد والدهم.

وعلى نفس الرصيف وفي الجهته المقابلة رصدت TSAعربي، عشرات الأطفال الذين لا يتجاوز سنهم الـ15 عاما غارقين في أعمال لا تتناسب مع أعمارهم، رغم محاولاتهم الحديث بلغة السوق في إقناع المتسوقين بالشراء، و تبرير أسعارهم، و ترويج مبيعاتهم البسيطة التي ترتبط غالبيتها بالصيام على غرار خبز البيت والشّربات و بعض الخضراوات البسيطة و الحلويات التقليدية..

أطفال المدن أكثر عرضة للاستغلال في الأسواق الموازية

وفي وقت تؤكد وزارة التضامن الوطني و الأسرة و قضايا المرأة ، انخفاض منحى عمالة الأطفال في السوق الموازية في الجزائر. يؤكد رئيس شبكة ندى عبد الرحمن عرعار، في تصريحه لـTSAعربي، و بناءا على دراسات ميدانية أعدتها الشبكة في اطار دراسة انتشار الظاهرة. بأن 59 بالمائة من الاعمال التي يقوم بها هؤلاء الأطفال في سوق العمل هي “أعمال مضرة”، تمثل الاعمال التجاري 69 بالمائة منها، كما يشدد محدثنا على الانتشار الكبير لعمالة الأطفال في المدن بحيث عمالة الأطفال في المدن ازيد من 54 بالمائة من نسبة الظاهرة ككل في الجزائر. كما يؤكد محدثنا على الانعكاسات السلبية الاجتماعية والنفسية على هؤلاء الأطفال الذين يضطر ازيد من 50 بالمائة منهم لترك مقاعد الدراسة رغم ان غالبيتهم من عائلات بسيطة الدخل وليست منعدمة.