search-form-close

الصحة في الجزائر : ملامح إفلاس في قطاع حيوي

  • facebook-logo twitter-logo

الجزائر ـ TSA عربي: يواجه قطاع الصحة في الجزائر، تحديات كبيرة ضمن سياسة الإصلاحات التي تحدث عنها عشرة وزراء مروا على القطاع منذ تولي الرئيس بوتفليقة مقاليد الحكم العام 1999. وهي الإصلاحات التي كبدت خزينة الدولة ميزانيات ضخمة في إطار الاستثمار في قطاع إجتماعي حيوي، لايزال يرواح فشلا وقصورا ذريعين في الإستجابة لتطلعات مهنيي القطاع من جهة، والمرضى من جهة أخرى.

أمام حالة الطوارئ الذي تشهدها المؤسسات الاستشفائية عبر كامل التراب الوطني من حيث سوء التسيير وهدر المال العام وغياب الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية حتى داخل مصالح الإستعجالية وعدم التنسيق بين مراكز العلاجات الصحية الأساسية والمستشفيات، ونقص الإطارات المتخصصة وضعف الخدمة و اختلال خارطة الخدمات الطبية، و ندرة الادوية و عدم احترام بروتوكولات العلاج، إضافة الى فوضى نشاط العيادات الخاصة.. مظاهر باتت العنوان العريض لواقع قطاع يثير قلق كبيرا لدى الجزائريين وللحكومة أيضا.

خارطة صحية مختلة وإصلاحات بدون رؤية

تردي الخدمات الصحية في المستشفيات العمومية، و سوء إستقبال للمرضى، نقطتين سلبيتين يحكمهما اختلال الخارطة الصحة في الجزائر، حيث ترتكز قرابة الـ 80 بالمائة من المؤسسات الاستشفائية الضخمة في الشمال، فيما تشهد العديد من مناطق الجنوب و الهضاب العليا انعداما تاما للمستشفيات و المراكز الصحية، و هو ما يكبد المرضى من سكان المناطق النائية عناء التنقل الى المناطق الشمالية طلبا للخدمة العمومية المجانية المكفولة بالعدل بين كل الجزائريين بنص الدستور. فيما يفرض الواقع منطقه على سكان الجنوب و المناطق النائية التي تعاني نقص الهياكل القاعدية و ان وجدت فبنقص فادح في المعدات الكوادر الطبية و هو ما تؤكده عديد المراسلات المرفوعة من عديد البرلمانيين (ممثلوا الشعب) امام وزير القطاع مختار حسبلاوي، الذي كان ضمن اخر جلسة رد على أسئلة أعضاء مجلس الأمة قد تحدث عن عمل الوزارة عبلى اعداد خارطة صحية جديدة، ليبقى السؤال المطروح في هذا السياق:ماهي رؤية الوزارة في إعدادها لخارطة صحية لقطاع يحتاج الكثير من الإصلاح على مستوى هياكله الحالية؟.

طوارئ بسبب نقص الاخصائيين

في تصريح مثير لعميد الأطباء الدكتور بقاط بركاني، أكد أن قطاع الصحة في حالة طوارئ حقيقية، بسبب نقص الكوادر المختصة على مستوى المؤسسات الإستشفائية الشمالية منها والجنوبية. و هو واحد من مظاهر معاناة قطاع الصحة في الجزائر، نقص مهول في الإطارات الصحية، ففي بلد يتجاوز عدد سكانه 40 مليون نسمة لا يتجاوز عدد الساهرين على الصحة العمومية فيه سوى بضع آلاف من الموظفين.

نقطة ضعف أخرى تحسب ضد قطاع حسبلاوي، الذي يواجه أزمة إطارات في وقت يقف فيه 1500 طبيب مقيم على سفيح ساخن من الضغوطات و التهديدات الممارسة ضدهم من قبل إدارة حسبلاوي التي يظهر جليا بانها لا تقدر عواقب تنفيذ هؤلاء الأطباء لتهديدهم بالاستقالة و اختيارهم للهجرة للعمل في الخارج و هو ما كانت عمادة الأطباء قد حذرت منه سابقا في تقرير لها اكدت فيه بان الجزائر تشهد هجرة اكثر من 5 الاف طبيب سنويا و ذلك بسبب عدم ملائمة مناخ العمل الطبي في الجزائر ، و قصور المنظومة الصحية المطبقة منذ 1985، و التي تم تأكيدها بشكل اخر في القانون الجديد الذي اثار الكثير من الاستياء بين الفاعلين في القطاع من نقابة مستخدمي الصحة الى نقابة الصيادلة الى عمادة الأطباء.. وفي ذات السياق يطرح عديد الفاعلين بما فيهم الأطباء المقيمين مشكل غياب استراتيجية واضحة في مجال التكوين الأساسي للأطباء والممرضين التي يعتبر الدعامة الأساسية لتطوير أي قطاع كان . وهو ما يترتب عنه توفير الموارد البشرية الكافية، حيث ان العلوم الطبية والتمريضية من العلوم المتطورة والمتغيرة باستمرار تستلزم المواكبة الدائمة والاستراتيجية الفعالة في مجال التكوين المستمر وعجز قطاع الصحة و في الجزائر عن توفير تلك الخدمة إطارته جعله عاجزا تحقيق أهداف الألفية ونحن في سنة 2018.

أين استراتيجية تطوير القطاع؟

عوامل يشكك بخصوصها المهنيون في تصريحات متفرقة لهم، في إمكانية وجود استراتيجية حقيقية لتطوير القطاع الصحي، حيث يؤكد هؤلاء ان ما يحدث الآن لا يعدو كونه محاولة تسيير الوضع العام وتفادي إفلاس القطاع الصحي، أمام فشل كل تدابير الخطة الوطنية للصحة التي راهنت عليها الوزارة منذ سنوات طويلة مع تعاقب عدد من الوزراء ، وهو ما ساهم في تعميق أزمة القطاع، التي تضرر منه بشكل خاص المواطن العادي الذي أصبح يجد صعوبة في طلب العلاج في المستشفيات والمراكز الصحية. و امام تراكم مشاكل القطاع في الفترة الأخيرة من ازمة اللاطباء المقيمين الى ازمة انتشار وباء البوحمرون الى وفاة عدد من النساء الحوامل خلال عمليات التوليد ..يبدو اهتمكام الوزارة بإيجاد الحلول و تكريس سياسة صحية جادة لوقف اختلالات القطاع الصحي غير مطروح حاليا. خاصة ان كل التدابير التي اتخذها الوزير مختار حسبلاوي منذ توليه الوزارة شهر ماي 2017 لم يغير شيئا في الواقع الراهن، رغم أنه لم يأخذ بعد وقته الكافي في اصلاح قطاعي يعاني تراكمات كثيرة لإرث ثقيل من الإخفاقات، التي قد تتطلب الاحتفاظ بوزير واحد لأكثر من سنتين على راس الوزارة ليتسنى له على الأقل إحصاء نقاط الضعف في قطاعه.