search-form-close

جاب الله يقر بتراجع الاسلاميين ويكشف لـ”TSA عربي” أسباب خلافه مع النهضة والبناء

  • facebook-logo twitter-logo

يشرح عبد الله جاب الله رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية في هذا الحوار مع “TSA عربي” أسباب تراجع التيار الاسلامي في الانتخابات المحلية الأخيرة. كما يقر بتراجع الاسلام السياسي في الساحة السياسية عامة.

السيد جاب الله، لماذا تراجع التيار الاسلامي في الانتخابات المحلية الأخيرة؟

يعود هذا التراجع لعدة أسباب، أولها المقاطعة الواسعة لأبناء التيار الاسلامي. حاولت هذه المرة مثلا أن ألاحظ أصابع المصلين في مساجد درارية (مقر جبهة العدالة والتنمية متواجد في بلدية درارية) لأعرف هل صوتوا أم لم يصوتوا فما رأيت حبرا في أصبع أي شخص. وبديهي أن هؤلاء لو صوتوا لصوت الكثير منهم لصالح التيار الاسلامي. وقد لاحظت هذا في أكثر من إستحقاق، فأول متضرر من تيار المقاطعة هو التيار الاسلامي.

ثانيا، إنقسم أبناء جبهة العدالة والتنمية على سبيل المثال إلى عدة أقسام: قسم كبير منهم قاطع هذه الانتخابات ورفض الترشح والمشاركة ولو بالتصويت لليأس الذي تمكن من قلبه من جدوى المشاركة في الانتخابات. وقسم آخر لما  سمع بأن رئيس الجبهة دعاهم لأحد الخيارين المقاطعة أو المشاركة بجمع التوقيعات توزع على الأحزاب  المختلفة بدأ بجبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي وحمس وتاج وصولا إلى الحركة الشعبية…وقسم ثالث شارك ضمن الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء ولكن بعضه فقط عمل على النجاح وأكثره لم يقم بأي جهد في الحملة الانتخابية.

 السبب الثالث هو قلة الامكانيات المالية، فهناك من المترشحين من لا يملك أي شيئ من المال لينفق على الحملة الانتخابية وللمال في هذه الانتخابات دور عصبي. فإذا غاب، غاب أهم عامل من عوامل النجاح. السبب الرابع هو التزوير المتمثل أساسا في تضخيم نسبة المشاركة، ولهذا السبب أيضا تأثيره السلبي على الانتخابات والسبب الخامس تأخر الاتحاد في إعلان قرار المشاركة بهذا العنوان وعدم النجاح في حسم طريقة المشاركة بين مكوناته كان عاملا أيضا من العوامل التي ساهمت في إضعاف نسبة مشاركته وفعالية المشاركين. هذه على الجملة كبرى الأسباب التي تحكمت في نتيجة الاتحاد.

دخلتم الانتخابات التشريعية كتحالف في إطار الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء. لماذا لم تواصلوا هذا التحالف؟

معلوم أنني في هذا الاستحقاق دعوت حزبي لأحد الخيارين، إما المقاطعة أو المشاركة بجمع التوقيعات. ولما ترجحت المشاركة بإسم الاتحاد تحفظت على هذا الخيار وأعلمت الإخوة في المجلس أنني لست معنيا بهذا الاستحقاق من أول خطوة فيه إلى آخرها لأنني أصبت بخيبة أمل كبيرة في الاتحاد.

فقد إجتمعنا من أجل أن نتعاون على بناء حزب واحد تذوب فيه الأحزاب الثلاث وقد جاء في وثيقة الاتفاق بأننا سنذهب إلى مؤتمر جامع قبل نهاية سبتمبر 2017 ودعوت الشركاء بعد التشريعيات للعمل المشترك من أجل الذهاب إلى هذا المؤتمر. ولكن إتضح بأن هدف الانتخابات عند الشركاء مقدم على غيره فقلت لسائر الإخوة في جبهة العدالة بأنني لو كنت أعلم أن هدف الاتحاد هو هدف إنتخابي ما وافقت عليه من الأول. بل وافقت عليه لأنني إعتقدت أننا سنذهب للوحدة الشاملة الاستراتيجية … فلما وقع التراجع عن هذا الاتفاق أصبت بخيبة أمل وسحبت نفسي من المشاركة في الانتخابات، ولكنني إلتزمت بعدم التصريح بذلك للصحافة ولغيرها قبل الحملة وبعدها وهذا الذي فعلته.

ما تقولونه الآن السيد جاب الله يعني غياب الانضباط عند التيار الاسلامي، وهي إحدى نقاط القوة في هذا التيار في السابق. لماذا يغيب الانضباط عند الاسلاميين في نظركم؟

فعلا، الدارس لما كتبته من أدبيات حول المشاركة السياسية يجد أنني إعتبرت دائما العمل السياسي جانبا من جوانب منظومة العمل الاسلامي وأعتبر الانتخابات وسيلة من وسائل العمل السياسي.

ولكن الواقع الفكري المروج له في وسائل الاعلام وأدبيات ومكونات المجتمع السياسي الرسمي وغير الرسمي حصرت العمل السياسي في الانتخابات. وقد كان لهذا تأثيره الكبير على قناعات أبناء التيار الاسلامي ومنه أبناء جبهة العدالة والتنمية وصار هم معظمهم المصالح الشخصية التي ترتبط بالترشح في الانتخابات وهذا ما يسمى في لغة الشرع بحب الدنيا، وهو سبب الوهن الذي حل بالمسلمين في هذا الزمن وسبب نفور معظم أبناء التيار الاسلامي عن العمل الحزبي ومن هؤلاء أبناء مدرستنا وسبب ما شاع داخل الأحزاب نفسها من فوضى وعدم الانضباط.

لكن على مستوى القاعدة الشعبية، تشتت  التيار الاسلامي وحده ما يفسر نفور الناخبين أم هناك عوامل أخرى؟

مقاطعة أنصار المشروع الاسلامي للانتخابات تعود إلى عدة أسباب، منها ما لاحظوه من تزوير مرتب من السلطة في مختلف الاستحقاقات وتوقيف السلطة للمسار الانتخابي في 1992 مع ما تابع ذلك من أعمال عنف وقتل وسجن وفصل من الوظائف وتشريد و تشويه للمشروع الاسلامي.

 ثانيا تشتت التيار الاسلامي إلى درجة أن الجماعة الواحدة التي كانت قبل الانفتاح السياسي تحولت بعد الانفتاح إلى خمس أو ست مجموعات، الشيئ الذي قزمها وأضعف تأثيرها.

ثالثا فشل بعض من وصلوا إلى المؤسسات المنتخبة في الوفاء لمنتخبيهم بوعودهم الانتخابية ورابعا عدم محافظة كثير من طلائع بعض أحزاب التيار الاسلامي لصفة القدوة سواء في فهمهم الإسلام أو إلتزامهم به أو تعاملهم مع الغير على أساسه إلى جانب الحملات الإعلامية المرتبة في تشويه بعض رموز التيار والتي إستغرقت سنوات طويلة من الزمن. هذه جماع العوامل التي في إعتقادي زرعت اليأس في جدوى الانتخابات ودفعت أنصار التيار الإسلامي للانكفاء على ذواتهم.

ما مدى تأثير ما يحدث في المنطقة العربية على التيار الاسلامي في الجزائر؟

لحد الساعة تحدثت عن العوامل الداخلية ولم أشر إلى العوامل الخارجية، فحسنا فعلت إذ طرحت هذا السؤال. فلا شك أن للأحداث التي عرفها العالم العربي ولا يزال بدأ بالانقلاب الذي حصل على الشرعية والشريعة في مصر وصولا إلى مواقف التكتل الرباعي (السعودية ومصر والامارات والبحرين) من التيار الإسلامي عامة والتيار الإخواني خاصة، تأثيره الكبير على  معنويات أنصار المشروع الإسلامي. فكأن هم في حيرة لا يعرفون أين يتجهون ولا ماذا يفعلون، وقد ساهم أيضا في تعميق هذه الحيرة شيوع الفهم المعلول للإسلام الذي روجت له بعض مكونات التيار الإسلامي كالتيار المدخلي بدعم وتشجيع بعض أنظمة الحكم والذي ما إنفك يبدع العمل السياسي وأنصاره ورجاله ويضللهم ويدعو جهلا لطاعة الحكام وعدم جواز مخالفتهم ولو بالانتخاب.

وهذه طروحات فاسدة وجاهلة وحاقدة، ولكن في غياب وسائل الإعلام التي تهتم بمثل هذه المسائل وحصار السلطة للعلماء والدعاة ذوي الأهلية العلمية والخبرة والتجربة الدعوية في الممارسة السياسية زاد في إنتشار الفهم المعلول والخاطئ. وكان لهذا الانتشار أثره السلبي في تعميق الحيرة والدفع بعشرات الحيرة ومقاطعة العمل السياسي برمته والنظر إلى أصحابه بأنهم مبتدعة وخوارج.

صور العنف التي يشاهدها الجزائريون على “اليوتوب” ومختلف القنوات التلفزيونية. ألم تؤثر على شعبية التيار الاسلامي؟

هذه الظاهرة لها تأثيرها بلا شك لكن تأثيرها لا يقارن بتأثير العوامل السالفة الذكر.

هل تعتقدون أن الوضع الذي يمر به التيار الإسلامي اليوم مرحلة ظرفية أم هو تحول بعيد المدى؟

هذه المرحلة مؤقتة وعمر الحركات لا يقاس بعمر الأفراد كما أن المؤقت في عمر الحركات لا يقاس بالمؤقت في عمر الأفراد. وهذا لأسباب عديدة أهمها بقاء القرآن والسنة، وهما المصدران الأساسيان اللذان يتربى عليهم المسلم ويستمد منهما الزاد المعرفي والايماني والمعنوي في مباشرة تحديات الحياة. والسبب الثاني وجود القدوة في تاريخ الأمة التي تشهد بأن هذا الدين يظل في ظهور مستمر وإن عرف بعض رجاله سقوطا ونهوضا.

والسبب الثالث هو فشل الأنظمة العلمانية القائمة في عالمنا العربي والإسلامي في جميع مشاريعها النهضوية اللهم ما تعلق منها بسياسات الفساد والإفساد. فقد حققت فيها نتائج وستكون هذه النتائج نفسها سببا في يقظة الأمة وعودتها إلى دينها والتفافها حول من يجيد تشخيص أمراضها ورسم طريق العلاج أمامها.

أنتم تعتبرون النظام الحالي علماني والعلمانيون يعتبرونه يوظف الدين، وهو سبب فشله. أين الحقيقة؟

العبرة ليس بالادعاء وإنما بالحقيقة التي ينطق بها دستور البلاد وتوجهاتها. النظام العلماني هو النظام الذي يقوم على تعطيل العمل بالشريعة وحصر الدين في العبادات والأحوال الشخصية ومبدأ المسؤولية الفردية على الدين. وهذه كلها قائمة في النظام الجزائري، فهو يعطل الشريعة ويحصر الدين في الأحوال الشخصية ويعمل بمبدأ المسؤولية الفردية ولذلك فهو نظام علماني بإمتياز.

أما النظام الإسلامي فهو يقوم على مبدأ مرجعية الشريعة وإعتبار الدين منهجا شاملا ومتكاملا ينظم الحياة كلها بجميع مستوياتها وفي شتى مجالاتها.

النظام الجزائري أقر مثلا القروض الإسلامية. ما تعليقكم؟

أنت تبحث عن أي شيئ تافه لتقول أنه نظام إسلامي. المعياران اللذان طرحتمها علميان كتبت حولهما مليارات من رسائل الدكتوراه، فضع النظام الجزائري في المعيارين تعرف طبيعته. مرجعية النظام الجزائري هو القوانين العضوية ثم العرف ثم تأتي الشريعة الإسلامية في المرتبة الثالثة والشريعة لا تقبل هذا.

القروض الإسلامية لا تشفع للنظام الجزائري إذن حتى يكون نظاما إسلاميا؟

تبني حكم من أحكام الشريعة كما ينوون فعله الآن في مسألة القروض  لا يضفي على الدولة  الطبيعة الإسلامية وقد سبقت بريطانيا وفرنسا في ذلك الجزائر. فهل يقال على بريطانيا وفرنسا أنهما دولتين إسلاميتين.

بماذا تردون على من يعتبرون التيار الإسلامي انتهى؟

هذا حلم يحلمون به وهو نزغه من نزغات  شياطينهم، فدعهم في غيهم يعمهون.