search-form-close

حوار- بن عبو:”إذا كان الجزائريون يرفضون سلطة عسكرية فعليهم انتخاب رئيس مدني”

  • facebook-logo twitter-logo

كُنْتِ من المشاركين في إعداد المشروعين المتعلقين بالهيئة الوطنية المستقلة للانتخابات وبنظام الانتخابات، هل أنت راضية على عملك؟

فتيحة بن عبو، خبيرة في القانون الدستوري وعضو هيئة الحوار والوساطة: نعم أنا راضية عن نفسي، وأعتبر أن مشاريع القوانين التي أعَدتها الهيئة جيدة بل هي مكسب للجزائر، لأنها المرة الأولى التي يتم فيها استحداث السلطة المستقلة لتنظيم الإنتخابات في بلادنا. أنا قانونية وساعدت في تحضير النص القانوني، بعدما كنت من المنادين بضرورة وضعه وأنا في صف المعارضة عام 2014. والآن هذا النص أصبح واقعًا ملموسًا ويتوافق مع المعايير الدولية.

أما التطبيق فهو ليس من اختصاصي وإنما تقع هاته المهمة على عاتق الشعب الجزائري، فمثلما نزل إلى الحراك(الشعب) للدفاع عن صوته، عليه التوجه أيضًا إلى مكاتب الاقتراع للدفاع عن صوته كذلك. أنا كقانونية لا يمكنني تقديم أكثر من ذلك ومن يقول العكس عليه مواجهتي بالدليل بأن القوانين التي أعدتها الهيئة ليست جيدة.

ربما إستعجال هيئة الحوار في إعداد مشاريع مهمة متعلقة باستحقاق رئاسي يطالب الجزائريون بأن يكون نزيهًا وشفافًا، هو ما أثار الجدل، فما تعليقكم؟

لا أردي لماذا يُثار الكثير من الكلام والحديث عن هذا الموضوع، مع أننا اشتغلنا لمدة شهرين. حقيقة تفاجأت وأنا أُطالع بعض الجرائد تنتقد عدم إدخال البرلمان تعديلات على النصوص القانونية المتعلقة بالسلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات ونظام الإنتخابات. لماذا يتم تعديلها. لو قاموا بإجراء تعديلات كُنت توجهت للبرلمان وعارضت ذلك.

نحن نريد أن تكون إرادة الشعب فوق كل اعتبار. الشعب يريد احترام صوته. لا أفهم لماذا كل هاته الشكوك والإنتقادات. ولربما الرسول صلى الله عليه وسلم لو جاء بهذا النص القانوني لعارضوه وشككوا فيه. وأنا أتأسف لفكرة التشكيك في كل شيء.

هل تعتقدين أن ظروف الإنتخابات مهيئة لإجرائها قبل نهاية العام الجاري؟

لم نصل إلى الإنتخابات بعد. لماذا نستعجل في حين أن رئيس الدولة عبد القادر بن صالح لم يستدعي لحد الساعة الهيئة الناخبة. أنا ديمقراطية وأطالب بمناخ ديمقراطي قبل إجراء الإنتخابات لكن لم نصل لهته المرحلة حتى نتحدث عنها وكما يقول المثل الشعبي: “كي يزيد ونسموه بوزيد”.

لكن قايد صالح، دعا لاستدعاء الهيئة الناخبة منتصف الشهر الجاري، وأن الرئاسيات ستجري في وقتها؟

رئيس أركان الجيش يتكلم من الثكنة، وأنا ما يهمني أن يتكلم معي رئيس الدولة لأنني مدنية. عندما يتكلم عبد القادر بن صالح، في ذلك الوقت أتكلم عن الإنتخابات.

تعرضتِ للكثير من الإنتقادات بانضمامك إلى هيئة كريم يونس، لماذا في رأيك؟

البعض يعتقد أن الحراك يمثل فكرة واحدة فقط. للعلم فقط كنت من بين الأشخاص الذين عارضوا بوتفليقة في العهدة الرابعة أي 2014، لكننا في 22 فبراير خرجنا جميعًا (كل الشعب) وقلنا لا للعهدة الخامسة موحدين، لكن بعدها لكل شخص وجهة نظره. هناك من رفع مطالب جديدة وأنا لم أنخرط فيها لأنني أتخوف من أن تؤدي بالجزائر إلى الانفجار. هذا رأي يلزمني لوحدي.

البعض لا يتقبل هذا الاختلاف ويدعي الديمقراطية، غير أن هذه الممارسات تقودنا لزمن الحزب الواحد، فإن لم تكن معي فأنت ضدي. قلتها من قبل في حوار سابق لي مع موقعكم “tsa”، أنا ضد المرحلة الإنتقالية وهذا موقفي ولن أغيره. هناك من يضرب المثل بدولة تونس، لكن الكثير لا يعلم أنها غارقة. وكل من توجهوا إلى الانتقال الديمقراطي لم يرفعوا رأسهم لحد الساعة، وبالتالي فإنني أعتقد أن المرحلة الإنتقالية قد تقودنا لمتاهات.

في الطرف الآخر نجد من يطالب بتطبيق المادتين 7و8 من الدستور، اللتين تنصان على أن مصدر السلطة هو الشعب. غير أن الواقع مختلف، إذ لا يمكن أن يتوحد 23 مليون جزائري (يمثلون الهيئة الناخبة) على كلمة واحدة، وفي الديمقراطية لدينا عدة وسائل للتعبير عن هذه الإرادة الشعبية. ففي الحراك مثلًا يمكن النظر إلى مطالب الشعب وكأنها رأي عام، نسمع لها، لكن كيف؟.

هنا أجيبك، المادة 8 من الدستور تشرح ذلك، حيث تنص على أن الشّعب يمارس سيادته عن طريق الاستفتاء أو الإنتخابات. وهذا ما قلناه في هيئة الحوار والوساطة. اليوم نعلم أن الاستفتاء ممنوع على رئيس الدولة المؤقت وهو ما تشير له المادة 104 من الدستور. وبالتالي لم يبقى أمامنا طريق آخر، سوى الانتخابات التي تعبر عن رأي الشعب.

لكن شريحة واسعة من الجزائريين تتساءل اليوم عن ضمانات نزاهة الإنتخابات القادمة؟

أنا إمرأة قانونية وتقنية ولست سياسية حتى أجيب على هذا السؤال، لا يمكنني ضمان الجانب التطبيقي. لن أكذب لأن لي مصداقية علمية.

ربما التجارب السابقة للجزائريين مع الإنتخابات هي التي تجعل الشعب لا يثق في السلطة مهما فعلت؟

صحيح في السابق كانت الإنتخابات تمرُ عبر الإدارة والولاة وكل الوسائل بين أيدي الجماعات المحلية. لم يكن هناك ضمان لعدم تزوير الإنتخابات. لكن اليوم لدينا سلطة مستقلة لتنظيم الإنتخابات، حاولنا في إعدادها الأخذ بعين الاعتبار تجارب عالمية نجحت باللجان المستقلة في تنظيم الإنتخابات. منها التجربة التونسية. النص القانوني هو نصف النجاح. أما النصف الآخر هو الشعب، الذي عليه التجند للحفاظ على أصواته.

لم نسمع صوت الخبيرة الدستورية، بن عبو، عندما أجرى بن صالح، تعديلًا حكوميًا، بينما لا يسمح له الدستور بذلك، لماذا؟

لماذا نحن لسنا منطقيين؟. الجزائر تعيش في حالة استثنائية، أي ما بين الشرعية الدستوري والمشروعية الشعبية. أنا من الأشخاص الذين لم يتشبثوا بالنص الدستوري حرفيًا منذ البداية. قُلتها سابقًا، عندما رفض الشعب إجراء انتخابات رئاسية في الرابع من جويلية، وحصلت قطيعة مع الشرعية الدستورية، لا يمكن أن نترك البلد تذهب إلى الهاوية.

وأعيدها، في حال لم نجري انتخابات رئاسية فإن السلطة ستذهب لمن يملك القوة.

ومن يملك القوة، هل تقصدين المؤسسة العسكرية؟

لا لم أقصد المؤسسة العسكرية، لأن الأخيرة لا ترغب في السلطة. لا أعتقد أنها كانت تريد أن تكون في الواجهة، بالرغم من أن المادة 28 من الدستور تمنحها هذا الحق في حال كانت الجزائر في خطر. إذا هي وجدت نفسها مجبرة اليوم على لعب هذا الدور لأن الشعب لم يرغب في إجراء الإنتخابات. لهذا قُلنا أن المرحلة الانتقالية فيها خطر كبير وتجعل الجزائر في مركز ضعف، لأنها تؤدي إلى متاهات وأشياء غير متوقعة، سيدعي كل طرف فيها أنه من يملك الحق.

اليوم الكثير من المواطنين يقولون أنهم يرفضون السلطة العسكرية، وأنا أقول إذا كان الشعب لا يرغب في سلطة عسكرية فعلى الجزائريين التوجه لمكاتب الاقتراع وانتخاب رئيس مدني، لأنه الحل. النص المتعلق بنظام الإنتخابات تغيّر وعلينا فقط توفير مناخ ديمقراطي لانتخاب رئيس جديد، قبل الذهاب نحو تعديل دستوري وأنا من الأشخاص الذين يرغبون بالمشاركة في إعداد تعديل دستوري يُقلص من صلاحيات رئيس الجمهورية ويحدث التوازن بين السلطات.