search-form-close

الجزائر – تغييرات الجيش، الرئاسيات، الحالة السياسية… مقري في حوار مع TSA عربي

  • facebook-logo twitter-logo

الجزائر – TSA عربي : خاض رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، في العديد من الملفات المطروحة على الساحة السياسية بكثير من الحذر، خصوصا فيما تعلق بالقضايا ذات الصلة بالمؤسسة العسكرية.

في حين أبدى أبدى مقري في حوار خص به موقع ” TSAعربي”، ننشر منه الجزء الاول، استعداده لأن يكون في مضمار التسابق نحو قصر المرادية، وربط ذلك بنجاح أو فشل مباردة التوافق الوطني.

تعيش الجزائر مرحلة استثنائية في تاريخها السياسي المعاصر، ما تقيمكم للوضع السياسي في البلاد؟

أهم ما يميز الوضع السياسي في الجزائر الغموض التام، وهاته الحالة لا تُعتبر صحية، وإنما تدل على عدم وجود مستوى ديمقراطي يؤدي إلى إصلاح الوضع وتداول على السلطة، فحالة الغموض تَعني أن هناك جهات تشتغل في الخلف والغرف المظلمة. وكل ما يحدث هو نتيجة لما تقرره، لكنه يبقى مجرد واجهات وأعمال مظهرية لا تعبر حقيقة عن إرادة الطبقة السياسية والشعب الجزائري.

نعتقد أن الوضع السياسي مُحير ومخيف ولا يُبشر أن هناك حلولاً للأزمة، فلا هم قبلوا التوافق الوطني، ولا هم ذهبوا إلى الديمقراطية الحقيقية، لذلك نحن نكافح ونناضل من أجل الإتيان بالجميع إلى مساحة التوافق الوطني في إطار شفاف وواضح، لأن الوضع السياسي الموجود غير مؤهل لاستقبال التوترات والأزمات المقبلة.

اليوم العالم يعيش زمن الدول الناهضة، نحن لا نتحدث عن هيمنة الدول الغربية الاستعمارية على الاقتصاد والعلم، وإنما هناك دول صاعدة كانت مثل الجزائر في السبعينات والثمانينات، كالصين، الهند، ماليزيا، أندونيسا وتركيا وإيران، وكذلك الأمر بالنسبة لبولونيا، الفيتنام والبرازيل وإفريقيا الجنوبية. كل هذه الدول كانت في مستوانا، لكن منظومتنا السياسية لم تجعل الجزائر بلد متطور وبالشكل الذي هي فيه ليست مؤهلة لجعل الجزائر بلدًا صاعدًا.

لا يفصلنا عن موعد الرئاسيات سوى أشهر، هل نحن نسير نحو مزيد من الغموض أم نحو إنفراج في الأزمة؟

في الوضع الذي نحن فيه هذه اللحظة، نتوجه نحو الغموض، وفرض سياسة الأمر الواقع. إذا لم ينفرج الوضع في الأيام المقبلة ولم يكن هناك توافق أو قواعد الممارسة الديمقراطية، سنتجه إلى تأزم الوضع أكثر.

طرحتم مبادرة التوافق الوطني، ما تقيمكم للمرحلة الأولى ومن هي الشخصيات التي ستلتقونها في المستقبل القريب؟

تقيمنا الأولى من حيث المبدأ والمضمون، أن جميع من التقيناهم يعتبرون مبادرة التوافق الوطني، حلاً لأزمات الجزائر، سواء من المعارضة أو الموالاة.

المعارضة تعتقد أن المشكل ليس في المبادرات، ومن يرفض الأيادي الممدودة والمشاريع المتكررة للتوافق الوطني هي السلطة. أما بالنسبة للسلطة لاحظنا أن غرورها تراجع وصار مساندوها يتكلمون ويعترفون بأن البلاد تعيش أزمة كبيرة ومخاطر عظيمة اقتصادية واجتماعية ودولية ولكن ليست لهم الإرادة السياسية للتعامل مع المبادرة في إطار شفاف.

أما من حيث المضمون، أحرجنا الجميع أخلاقيًا ولا يستطيع أحد رد المبادرة لأنها قيمية وتعتمد على العلم وأرقام صحيحة ولها أسُس ومبادئ ولا توجد فيها أنانية سياسية.

على ذكر الرئاسيات، هل مسألة ترشح مقري في 2019 متوقفة على مبادرة التوافق الوطني؟

سنعلن عن موقفنا الرسمي من الرئاسيات آخر السنة الجارية. وترشحنا يبقى سيناريو من بين السيناريوهات الأربع المطروحة، أولها النجاح في تحقيق التوافق الوطني وإذا لم يكن ذلك، سنناقش السيناريو الثاني مع المعارضة إذا كان لها اقتراح لشخصية مشتركة، شريطة إقناعنا بأن لها إضافة وامتداد ووزن على المستوى الشعبي، حتى لا نكون نحن مجرد حاملين لهذه الشخصية على أكتافنا وإنما تكون شراكة.

سنناقش الموضوع مع المعارضة، ونقول لهم أننا مرشحين، لن نضع ذلك كشرط مسبق ولكن نحن موجودين. أما السيناريو الثالث وهو المقاطعة خصوصاً إذا كانت العهدة الخامسة. أما السيناريو الرابع هو الترشح باسم حركة مجتمع السلم، وهي من تقرر المنافسة بواحد من أبنائها.

توسعت رقعة المطالبين بترشح الرئيس لعهدة جديدة في نظركم، هل سيستجيب بوتفليقة لهذه الدعوات أم تتوقعون سيناريو آخر؟

المنطق يقول إنه لا يترشح، وموقفنا واضح لأننا نعتبر أن العهدة الخامسة ليست في مصلحة الجزائر ورئيس الجمهورية أدى ما عليه وكثر الله خيره، لأنه لا يستطيع مواجهة الأزمات المقبلة التي تتطلب تشاورًا مباشرًا بين كل الفاعلين، والجلوس على طاولة واحدة دون غرور ولا تكبر، كما هو موجود في كل الدول.

ورئيس الجمهورية يجب أن تكون له القدرة على أن يجتمع مع شركائه. نحن الآن في زمن دبلوماسية الرؤساء وليس الإدارة، لأن الرهانات الدولية خطيرة جدًا. ووضعية الرئيس بوتفليقة ولأسباب صحية لا يستطيع تأدية هذا الدور.

هل من إضافة في السياق؟

هناك شيء مهم سأقوله، لو كنا في نظام برلماني، ليس هنالك مشكل في دعوة أشخاص لبقاء الرئيس في منصبه مدى الحياة. إذن فلنتوجه نحو النظام البرلماني، حيث لا يكون فيه الرئيس مسؤول على إدارة الدولة وإنما له أدوار دستورية معروفة، لكن من يقود الدولة والتنمية والاقتصاد ويمثلها في الخارج هو رئيس الحكومة. للأسف نحن لسنا نظام برلماني، لو كنا كذلك لاستطعنا التفاهم حيث يحافظ الرئيس على مكانه ويتمخض عن الأغلبية البرلمانية رئيس الحكومة. لكن نحن في رئاسة الجمهورية، وعلى سبيل المثال تعين أمين عام لرئيس بلدية لا يتم إلا بمرسوم.

الموالون للرئيس بوتفليقة، يتحدثون عن الاستمرارية وليس عهدة خامسة، ماذا يعني لكم هذا المصطلح؟

مصطلح الاستمرارية فخ كبير يريدون جر الناس إليه، قد تكون له عدة تفسيرات منها تغيير الدستور والانتقال من عهدة بخمس سنوات إلى سبع سنوات، أي أن يضيفوا سنتين بدون إجراء انتخابات رئاسية. وللأسف نسمع بعض المسؤولين السياسيين حتى في المعارضة يتحدثون على عدم جدوى تنظيم انتخابات، فيه إشارات تدل على أن هناك نية لاستمرار الرئيس في منصبه دون إجراء الانتخابات من خلال تعديل الدستور.

هل تعتقد أن الوقت كاف لتعديل الدستور؟

الوقت لا يمثل مشكل بالنسبة لهم، يستطيعون جمع البرلمان بغرفتيه، لكن ليس لدينا معلومات، ولكن في حال ما حدث، فإن ذلك لا يليق بسمعة الجزائر التي هي دولة كبيرة.

رئيس الجمهورية أدى ما عليه يمكن السير إلى مخطط آخر يرتكز على المحافظة على قيمة الرئيس ومكانته ولا أحد في ذهنه من عقلاء السياسية أي نية سيئة تجاه شخص الرئيس، ولو كان لبوتفليقة إمكانيته وصحته ليس هنالك مشكل في ترشحه.

 في حال ترشح شخصية وزانة، كأحمد طالب الإبراهيمي، هل ستدعمه حركتكم؟

نحن يهمنا تحقيق التوافق الوطني في الظرف الراهن، وفي حال تقديم المعارضة لمرشح، بما فيهم أحمد طالب الإبراهيمي نقول لهم فلنتناقش، في حال كان قادر على حشد الشعب وجلب الأصوات، فقط يقنعنا ونحن مستعدون لسماع أي كان، مرحبا بالجميع. لسنا لجنة مساندة لأحد في الرئاسيات ونحن طرف أساسي وحزب كبير وقادر على الترشح وحتى الفوز في حال لم يقع التزوير، لكن مستعدون للنقاش ووضع اسمنا ضمن الأسماء.

يرى البعض أن النظام يُواجه أزمة في شح الشخصيات السياسية، التي يمكن أن يناور بها في الرئاسيات، هل تتفق مع الطرح؟

لا، ربما لم يقع الاتفاق على شخصية معينة، لأن الجزائر فيها رجال، قد تكون الأطراف المشكلة لمنظومة الحكم وجدت صعوبة بالاتفاق على شخص، لأن المصالح والرؤى متضاربة والاختلافات السياسية والجهوية والأيديولوجية كذلك، وفي الفترة الأخيرة لم يتعودوا على العمل مع بعض.

من حين لآخر يعود إسم شقيق الرئيس الأصغر ومستشاره إلى الواجهة، ويجري الحديث عن سيناريو ترشيحه، هل هذه الفرضية قابلة للتجسيد؟

أنا ليست لدي معلومات، وعندما سألت بعض الأشخاص المطلعين يقولون إن  هذا الموضوع ليس وارد ولا في الخيال، حتى من داخل السلطة، لكن في الجزائر تعودنا على فكرة أن كل شيء وارد. لأن النظام لما يريد فرض أمر واقع يستطيع ذلك. لكن بعد الرئاسيات سيرون الواقع وسيندمون على أي قرار اتخذ بنية فرض الأمر الواقع.

ما قرأتكم لسلسلة الإقالات التي طالت رؤساء كبيرة في المؤسسة العسكرية؟

في الحقيقة لا توجد معلومات دقيقة، هناك تحليلات، أكيد أن التغيرات بهذا العمق والإتساع، يدل أن هناك تغير وقع داخل المؤسسة العسكرية على مستوى المنظومة البشرية والقناعات والوظائف المهنية وعلى مستويات كثيرة جدًا، نتمنى أن تكون التغيرات لصالح البلاد.

هل يمكن ربطها بترتيبات الاستحقاقات الرئاسية لعام 2019؟

أي محلل سياسي يدخُل في ذهنه أن لها علاقة بالرئاسيات لكن لا أحد يمتلك معلومات دقيقة، سأكون كاذبًا لو قلت إن لي معلومات على ما يحدث. نحن نُحلل كما يحلِل الآخرين.

كيف قرأتم تنحية اللواء عبد الغني هامل من على رأس جهاز الأمن الوطني؟

الأمر يختلف لأن تنحية الجنرال عبد الغني الهامل أَوضَح لأنها جاءت في سياق قضية الكوكايين وكان هنالك تصريحات وتم ذكر أسماء من عائلته ومحيطه.

من خلال ما يجري، من أحداث، من هي المؤسسة القوية في الظرف الراهن؟

الأكيد أن المؤسسة الأقوى هي المؤسسة العسكرية ما في ذلك شك، وهي المتحكمة ولا يمكن أن يكون رئيس الجمهورية في 2019 إذا لم تكن المؤسسة العسكرية راضية عنه، لأنها صانعة الرؤساء منذ الاستقلال وإلى ويومنا هذا.

بعد الاستقلال وقع الاتفاق بين بومدين وبن بلة بإرادة المؤسسة العسكرية والقوة كانت عند بومدين الذي كان يحتاج بن بلة من أجل المصداقية السياسية، وبعدها وقع الانقلاب المعروف في 1965.

 وعندما تنَافس المدنيين بوتفليقة ومحمد الصالح يحياوي، ملأت المؤسسة العسكرية الفراغ. وفي 1991 من حسم الموضوع مع الشادلي هي المؤسسة العسكرية.

أما في 1994 أنا شاهد، عندما كنت عضو في الندوة الوطنية بأن من أرادوا جلب الرئيس بوتفليقة هي المؤسسة العسكرية. وبعدها تراجع بوتفليقة لأسباب معلومة. وكذلك في 1999 من حسم الموضوع هي المؤسسة العسكرية.

الآن هناك تحولات كبيرة وقعت وتصريحات بتمدين المؤسسة العسكرية، نتمنى أن تكون صحيحة في 2019. نحن لا نستطيع إلا أن نكون سعداء بالاستماع إلى مسؤولين في المؤسسة العسكرية، يقولون إنها ملتزمة بوظائفها الدستورية ولا علاقة لها بالسياسية.

نتفهم أن قائد الأركان عندما يقول إنه يتلقى التعليمات من رئيس الجمهورية، لأن ذلك شيء طبيعي ودستوري، لكن إذا دعمت أي شخص ولو الرئيس الحالي فهي تدخلت في الشأن السياسي.

ولهذا قلنا إن مبادرة التوافق الوطني لا يجب أن تغفل بأن المؤسسة العسكرية إذا كانت ضد التوافق لا يمكن أن ينجح. نحن لا نقول إننا نريد إدخال المؤسسة العسكرية في قصة التوافق الوطني، لكن لا نريدها أن تكون ضده. يعني أن يتفق السياسيين فيما بينهم، في وقت تضمن المؤسسة العسكرية أن لا ينقلب طرف على الآخر. فلما تصبح الأمور ضمن الارادة الشعبية نحن هنا في حماية الدستور.

نتمنى بكل صدق تحقق ما نسمعه أن المؤسسة العسكرية لا تتدخل في الشأن السياسي. ولا تُرجح كفة مرشح على حساب آخر أو حزب على حزب. ولكن يبقي أن للمؤسسة العسكرية كلمتها، كما هو معمول به في كل دول العالم.

أي دور لجهاز المخابرات في الظرف الراهن لرسم المشهد السياسي لما بعد 2019؟

ليس لنا معلومات، نحن نتكلم عن المؤسسة العسكرية ككل.

 بعض مناضلي الحركة يرون فيك الشخصية القادرة على قيادة التغيير، تأسيًا بالرئيس التركي الطيب أردوغان، هل أنتم قادرون على رفع التحدي؟

نعم، نحن قادرون على رفع التحدي في حركة مجتمع السلم، وتحقيق التنمية في الجزائر وتطوير البلد وجعله صاعدا، ونحن مطلعون على التجارب كلها عن قرب، أنا مطلع جدا على تجربة ماليزيا، فأنا الأمين العام لمنتدى كوالالمبور الذي رئيسه مهاتير، الذي أصبح رئيس للوزراء. لنا علاقة صداقة مباشرة، كما لنا علاقة مع التجربة الإندونيسية والتركية. نحن مطلعين على التجارب الأخرى، لدينا برنامج متكامل.

لكن المسألة لا تتعلق بالقدرة ونحن في الحكم وإنما بموازين القوي التي لا تسمح  بالديمقراطية. أما في حال ما إذا كانت الديمقراطية، ووصلنا لرئاسة الجمهورية سنحول الجزائر في غضون 5 سنوات إلى قبلة العالم العربي في مجال الخدمات، وفي 10 سنوات نستطيع تحقيق الأمن الغذائي للجزائر، وفي 20 سنة نكون قد رسمنا للذين يأتون بعدنا الطريق لجعل الجزائر من الدول الصناعية الـ 20  في العالم. لكن هل توجد ديمقراطية؟ لا أعتقد، لهذا

نرافع من أجل توافق وطني ننقذ به البلد أولاً.