search-form-close

إلغاء التنازل عن المزارع النموذجية: تصويب هفوات أم قطع الطريق أمام المتلاعبين

  • facebook-logo twitter-logo

الجزائر- TSA عربي: فشلت حكومة احمد اويحيي في تمرير اقتراحها بالتنازل عن المزارع النموذجية للأجانب في إطار الشراكة مع جزائريين، وهو المقترح الذي أدرج في الصيغة الأولى لمشروع قانون المالية التكميلي 2018، قبل أن يخضع النص لقراءة ثانية كانت نتيجته إسقاط المقترح الذي أعاد بعث الجدل حول المزارع النموذجية، التي كانت من بين الملفات التي عجلت برحيل الوزير الأول السابق عبد المجيد تبون.

وعكس ما تم تداوله إعلاميا، فان إعادة إخضاع نص مشروع قانون المالية التكميلي 2018، لقراءة ثانية، لم يكن بغرض “تخفيف الضرائب” والتي جاءت عكس الاقتراح الأولى فقد عرفت ارتفاعا في المشروع بصيغته الجديدة، ولكن بغرض إلغاء مقترح التنازل عن المزارع النموذجية في إطار عقود شراكة.

وقد اقترحت الحكومة، في إطار مشروع قانون المالية التكميلي 2018 في صيغته الأولى، فتح مجال الامتياز الفلاحي للمستثمرين الأجانب في إطار مشاريع شراكة مع مستثمرين جزائريين، من خلال اعادة النظر في نظام الامتياز، خاصة ما يتعلق بالأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة والتي وضعت تحت تصرف المزارع النموذجية التي تم تحويلها إلى شركات الاستثمار المستحدثة في إطار الشراكة بين القطاعين العمومي و الخاص مع شركاء وطنيين أو أجانب.

وأشار الاقتراح الذي اسقط من مشروع الموازنة التكميلية، بان تحويل التنازل يتم عبر عقد إداري صادر عن مديرية الأملاك المؤهلة إقليميا، مرفق بدفتر أعباء، وفي حال الإخلال بالواجبات المنصوص عليها في عقد التنازل ودفتر الأعباء تحتفظ الدولة بحق إلغاء العقد إداريا وفق الإجراءات القانونية المعمول بها. وقالت الحكومة بان الهدف من الاقتراح هو تحديد إجراءات التنازل عن المزارع النموذجية لصالح الشركات التي تأسست في إطار الشراكة بين تلك المزارع ومستثمرين خواص وطنيين أو أجانب، وتضيف الحكومة بان تلك المزارع ستشكل قاطرة تطوير قطاع الفلاحة، وبحسب الأرقام التي قدمتها الحكومة، هناك 169 مزرعة نموذجية تابعة للمجمعات الفلاحية تتربع على مساحة قدرها 146 هكتار منها 126 ألف هكتار صالحة للاستغلال.

وأثار الاقتراح امتعاضا لدى فئات عديدة والتي لم تخفي معارضتها للمقترح الذي تقدم به الوزير الأول احمد اويحيي، وعملت على “إطلاق تعبئة إعلامية وسياسية” تحذر من تنازل الأراضي الفلاحية لصالح الأجانب، وهي الحملة التي أدت في النهاية إلى حذف المقترح، وذكرت مصادر مقربة من وزير الفلاحة عبد القادر بوعزقي، بان هذا الأخير لم يكن “داعما” لمقترح التنازل عن الأراضي الفلاحية في إطار عقود الامتياز لصالح المستثمرين الأجانب بالشراكة مع متعاملين جزائريين. إلا انه لم يبدي معارضته لقرار فتح تلك المزارع أمام المتعاملين الوطنيين،

وقد وجد القائمون على القطاع أنفسهم في حرج كبير أمام الرأي العام، ففي الوقت الذي يجتهد فيه المسؤولون لإقناع المواطنين بان زمن نهب العقار الفلاحي وتحويله لأغراض أخرى قد ولى وبتعليمات من الرئيس بوتفليقة، الذي أعطى تعليمات باستعادة الأراضي غير المستغلة، يجدون المسؤولين أنفسهم أمام قرار التنازل عن أراضي خصبة لصالح الأجانب.

مزارع نموذجية أم عش دبابير

وليست المرة الأولى التي يثار فيها جدلا واسعا بشان المزار النموذجية، حيث اتخذ الوزير الأول الأسبق، عبد المالك سلال، قرارا يقضي بتوزيع 25 مزرعة نموذجية من طرف مجلس مساهمات الدولة يوم 3 ماي الفارط، عشية الانتخابات التشريعية. لكن هذا القرار تم إلغاءه من قبل عبد المجيد تبون خلال فترة توليه منصب الوزير الأول، إثر مجلس وزاري مشترك.

وأعطى تبون حينها تعليمات للدوائر الوزارية المعنية من أجل “القيام بتجميد القرارات المتعلقة بمنح الأراضي العقارية الفلاحية المخصصة لإنشاء مستثمرات فلاحية ولتربية المواشي، لاسيما المزارع النموذجية التي تشرك متعاملين خواص التي هي بحاجة إلى تحكيم مجلس مساهمات الدولة”. كما أعطى تبون وقتها  تعليماته من أجل القيام بعملية تتضمن “مراجعة النصوص والإجراءات التنظيمية المتعلقة بتسيير ومنح واستغلال الحظائر العقارية الفلاحية، مع السهر على وضع حد للتناقضات المسجلة”، وكذا “إعداد دفتر أعباء جديد يحدد شروط الحصول على الحظائر العقارية الفلاحية التابعة لأملاك الدولة”.

وتحدث حينها البعض عن تجاوزات في عمليات التنازل، وقالت مصادر إعلامية، وقتها بأن المزارع النموذجية منحت بعيدا عن الشفافية ووزعت على مجموعة من الشخصيات النافدة، أغلبها لا علاقة له بالقطاع الفلاحي. كما سجلت شكاوى رفعها فلاحون احتجوا على قرارات خوصصة الأراضي الفلاحية، وإمكانية تحويلها عن وجهتها أو منحها لأشخاص لا ينشطون في القطاع الفلاحي.

وقد دافع الرئيس المدير العام لمجمع تثمين الإنتاج الفلاحي مصطفى بلحنيني، عن قرار منح تلك الأراضي، وقال في تصريح سابق لموقع “كل شيء عن الجزائر” ان العملية تمت في شفافية، نافيا حصول أشخاص غرباء عن قطاع الفلاحة على تلك المزارع.

وجاء قرار منح تلك الاراضي الذي اقره مجلس مساهمات الدولة، بعد إطلاق مناقصة جديدة من أجل استغلال 18 مزرعة نموذجية لزرع الأشجار المثمرة ومادة البطاطا في إطار الشراكة مع الخواص من ضمن 54 مزرعة فلاحية نموذجية للمجمع ستوجه إلى الشراكة مع الخواص، حيث تم استغلال ما يقدر بـ 25 مزرعة من هذه الحصة منذ شهرين برأس مال يقدر بـ 29 مليار دينار، والتي شهدت إقبالا كبيرا من طرف 157 مستثمر فلاحي، بسبب التحفيزات والتسهيلات التي يستفيد منها هؤلاء بما في ذلك حق الامتياز.

انتكاسة جديدة للوزير الأول ؟

وتباينت التعليقات بشان قرار الرئيس بوتفليقة، إلغاء مقترح التنازل عن الأراضي الفلاحية للخواص والأجانب، ففي الوقت الذي يرى البعض بان القرار شكل انتكاسة للوزير الأول، الذي قوبل اقتراحه برفض رئاسي، بينما يرى آخرون بان القرار لا يشكل انتكاسة للوزير الأول الذي قوبلت كل اقتراحاته بالموافقة، بما فيها تلك المتعلقة بالزيادة في الرسوم، وأسقطت واحدة وهو أمر متوقع حدوثه في كل الحكومات.

ويصر المعارضون لنهج الوزير الأول، بان هذا الأخير تلقى “صدمة” قوية وهو الذي حاول تمرير المقترح الذي سيسمح في نظرهم “بالتنازل عن أراضي خصبة بأسعار رمزية لأطراف لا علاقة لها بالفلاحة بل نحاول الاستحواذ على كل شيء”، وذكرت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة كان قد تعهد لها في رسالة خاصة سنة 2012، بأنه لن يسمح بالتنازل عن الأراضي الفلاحية للخواص، وهو ما جعله يتدخل مؤخرا لإقرار التعديلات التي مست قانون المالية التكميلي الذي سيناقشه المجلس الوزاري المقبل.