search-form-close

الباحث الأكاديمي ولد لعروسي”شباب الحراك واعي ومثقف وسينجح في إحداث التغيير”

  • facebook-logo twitter-logo

-الحراك فضح السياسيين وبعض المثقفين وقتل الإيديولوجيا

الجزائر-TSA عربي: عبر طيب ولد لعروسي، الباحث الأكاديمي الجزائري، ومدير كرسي معهد العالم العربي بباريس، عن تفائله بحدوث تغيير حقيقي في الجزائر بفعل الحراك الشعبي، مؤكدًا أن هذا الأخير بات حاضرًا ويُدرس في عدة ندوات عربية وأوروبية وحتى بأمريكا اللاتينية، تمامًا كما كانت ثورة التحرير إبان الإستعمار الفرنسي، مثالا يحتذى بها.

بداية هل يمكن لك أن تحدثنا عن سبب حضورك في المؤتمر السنوي للفكر العربي المقام حاليًا بالسعودية؟

حضوري هنا جاء بدعوة من مؤسسة الفكر العربي التي مقرها بيروت (لبنان) لأننا شركاء ومن المرتقب أن نُقيم ندوة أخرى حول التقرير المتعلق بفلسطين يُنظمها كرسي العالم العربي بباريس، حيث ستفتح للجمهور العربي والفرنسي والغربي بصفة عامة للحديث عن القضية الفلسطينية.

أنا ساهمت في تقرير “فلسطين في مرايا الفكر والثقافة والإبداع”، الذي أعدته مؤسسة الفكر العربي في طبعتها 17، إذ أنجزت ببلوغرافيا عن كل ما صدر باللغة الفرنسية والانجليزية في الخمس سنوات الأخيرة حول القضية الفلسطينة من كتب ورقية وإلكترونية ومرقمنة. هذه الكتب صنفتها في أربع محاور أولها شهادات وسير وقصة ورواية، وثانيها التاريخ الفلسطني في المنطقة العربية منذ تثبت الهوية، أما المحور الثالث فيتعلق بالعلاقات الفلسطينة والنزاع الغربي لأننا كثيرًا ما نخطئ ونتحدث عن نزاع فلسطيني صهيوني، لكن عندما نقرأ مجموعة من الكتب نرى أن الدول الغربية قامت هي الأخرى في ذبح الفلسطينين، في حين يتمثل المحور الرابع في المدن الفلسطينية. وأملي أن تساعد الببلوغرافيا التي قدمتها الباحثين في القضية الفلسطينية لأنها تدافع عنها بطريقة موضوعية. حضوري هنا يتمثل أيضًا بصفتي مدير كرسي معهد العالم العربي، حيث ننوي إطلاق جائزة علمية بخصوص المجالات العلمية البحتة.

ناقش مؤتمر الفكر العربي، في طبعته 17 موضوع “نحو فكر جديد”، ما مدى إمكانية تطبيق هذا الشعار في الدول العربية؟

صراحة تفاجأت من حدة النقاش خلال المؤتمر والورشات المفتوحة، لأنني كنت أعتقد أن الفضاء لا يسمح بمناقشة هذه المواضيع التي هي في الحقيقة قديمة جديدة، بهذه الحرية والجرأة. نحن بحاجة إلى تطوير أفكارنا في العالم العربي وهذا الأمر يتطلب إرادة سياسية لأنه في غيابها سنجتر خطابات فقط. هذه المؤتمرات الحوارية مهمة جدًا لكنها تتطلب خطة عملية ونقل الكلام إلى واقع ملموس.

بصفك باحث أكاديمي من الجزائر، ما رأيك في الحراك الذي تشهده البلاد منذ شهر فبراير 2019 وكذلك في دول عربية؟

أنا متفائل بالحراك الشعبي ليس فقط في الجزائر بل حتى في الدول العربية، وهنا يُمكن الإشارة إلى أن الحراك الجزائري إنعكس بل ألهم الشباب العربي. فمثلًا في لبنان نرى أن الشباب يخرج إلى المسيرات بطريقة سلمية بالرغم من تركيبته الإجتماعية المعقدة والأطماع الغربية وتدخلاته. الشباب أثبتوا أنهم فوق كل الطوائف ويطالبون بلبنان آخر، كما يرفعون نفس الشعارات التي رُفعت في الجزائر وسقف المطالب هي متشابة كثيرًا، دون أن ننسى أن العلم الجزائري رفرف في ساحات لبنان.

في الجزائر بالفعل الدولة العميقة تخطط لإفشال الحراك، لكن خلال مشاركتي في مسيراته سواء في الجزائر أو بباريس وجدت شبابًا صادمًا فضح كل سياسات المسؤولين والحكومة والأحزاب وحتى بعض المثقفين والمحللي السياسيين الذين كانوا يرون فيه رياح عابرة.

لا أدري لماذا لكنني أكررها أنا جد متفائل وأعتقد أن هؤلاء الشباب سيُحققون أهدافهم، الأكثر من ذلك أرى أن هناك جيل جديد حتى في الأسلاك الأمنية هم كما نقول بالعامية “أولاد الزوالية”، هؤلاء يرفضون قمع الشعب ويفهمون مطالب التغييير التي يرفعها الحراك.

في رأيك، كيف يمكن أن نسمي ما تعيشه الجزائر حراكًا أم ثورة؟

هناك طرق جديدة في التعبير، لأن الثورة كانت دائمًا تُرسم عبر الأحزاب والإيديولوجيات لكن اليوم ماتت الايديولوجيا، والشباب بدأ يخترع آليات جديدة في إثبات وجوده، مثلا الحراك في الجزائر بات يدرس في الكثير من الندوات وتنظم لقاءات لفهمه ليس في الدول العربية بل حتى في أمريكا اللاتينية وأوروبا.

ما نعيشه اليوم يتشابه كثيرا مع الثورة التحريرية على المستعمر الفرنسي، إذا كانت الثورة الجزائرية إلى جانب الثورة الفيتنامية مدا للعديد من الدول في العالم أو ما يسمى الحركات التحريرية، ونتذكر سنوات الستينات عندما كان يأتي مجموعة من الثوار لزيارة الجزائر كتشي غفارا، وعليه أعتقد أن عدة دول في العالم العربية وأفريقيا والعالم الثالث يتمنون نجاح الحراك ويحذون حذوه.

البعض يتخوف من إمكانية إفشال الحراك، ألا تتوقعون وقوع ثورة مضادة كما حصل في دول أخرى؟

مساعي إفشال الحراك من طرف الدولة العميقة بالتأكيد قائمة وهي ستفعل أي شيء عن طريق أساليب التخوين والتخويف، والأكيد أن رجال أعمال ومسؤولين سيطروا لمدة 20 عاما وكانت لهم سلطة لن يتراجعوا بسرعة إلى الوراء، هؤلاء لهم أساليبهم وهم متواجدين في كل مكان لكن بالرغم من ذلك تلك الصورة النمطية التي تُصور الشباب الجزائري على أنه كسول ولا يعمل غير صحيحة، لأنني عند مشاركتي في المسيرات رأيت شبابًا واعيًا مثقفًا غير مسيس بالمعني الإيديولوجي السخيف بل هو يضعون أهدافا ويريدون الوصول إليها.

تفصلنا أيام على الإنتخابات الرئاسية المقررة يوم 12 ديسمبر، كيف تنظرون إليها؟

الأكيد أن النظام سيحاول الإبقاء على قبضته في الحكم من خلال القدوم برئيس وإستخدامه كواجهة، وأنا ما يمكنني قوله إذا كان الرئيس القادم وطني وله إمكانية أخذ القرار فإنه بإمكانه تغيير أشياء كثيرة خاصة القضاء على المرتشين والفاسدين والبرلمانيين الذين ألحقوا الضرر بالبلاد، وكأنهم حركى أو مرتزقة لأن الإنسان الوطني ومن له غيّرة على بلده لا يمكنه أن يفعل بما كما فعله هؤلاء.