search-form-close

الجزائر-أرزقي فراد : “يجب محاكمة ناشري خطاب الكراهية في أقرب الآجال”

  • facebook-logo twitter-logo

الجزائر-TSA عربي: يؤكد المؤرخ والمحلل السياسي، محمد أرزقي فراد، في حوار مع “TSA عربي” أن فكرة سن قانون يُجرم خطاب الكراهية والجهوية أمر في غاية الأهمية وجاء في وقته، لكنه يدعو الرئيس عبد المجيد تبون إلى ضرورة مباشرة إجراءات التهدئة أولا والتي يأتي على رأسها إطلاق سراح معتقلي الرأي وتحرير الصحافة من القيود والرقابة.

وجه تبون حكومته بإصدار قانون يجرم خطاب الكراهية، فما تعليقكم؟

قبل الحديث عن مشروع القانون الذي يُجرم خطاب الكراهية والجهوية، يجب أن يُدرك السيد تبون أنه من واجبه اتخاذ إجراءات التهدئة أولًا، التي يُقصد بها إطلاق سراح معتقلي الرأي وفتح كل منابر الإعلام أمام الرأي الآخر، ورفض الضغوط على المسيرات الشعبية ورفع الحصار عن العاصمة يوم الجمعة.

فمن غير المعقول أن تشرع الحكومة الجديدة في عملها وكأن شيئًا لم يكن، ومشروع مثل هذا ليس له معنى إذا جاء في هذا الجو العام المتوتر، فكل الأنظار اليوم متجهة نحو وجوب اتخاذ إجراءات تهدئة تفتح الأفق لحوار جاد في المستقبل.

أما إذا عُدنا لفكرة تجريم خطاب الكراهية فهو شيء إيجابي وضروري جدًا، لأن الأنترنت بفضاءاتها المختلفة (مواقع التواصل الاجتماعي)، أعطت الفرصة للمتطرفين لبث أفكارهم التخريبية والعدوانية التي من شأنها الدفع بالأوضاع نحو مجابهة لا تحمد عقباها.

علينا ألا ننسى أن هناك من دعا إلى مقاطعة القبائل وعدم ممارسة التجارة معهم وهي فكرة مجنونة، كان من المفروض أن يحاكم الفاعل في أقرب الآجال، إضافة إلى السب والشتم والتخوين وما إلى ذلك من الأمراض التي يبثها أصحاب الفكر العرقي، ونحن نعلم أن الإسلام تجاوز العرقية وفق ما هو مبين في الآية “إن أكرمكم عند الله أتقاكم” وقول الرسول صلى الله عليه وسلم :”ليس منا من دعا إلى عصبية” بينما هناك أقلية شوفينية تدعو إلى العصبية.

ألم يكن بإمكان العدالة أن تُحاسب هؤلاء بناء على قانون العقوبات؟

في قانون العقوبات هناك ما يسمى بالقذف وقلما تتحرك العدالة في القضايا المرتبطة به لأنها بكل بساطة ليست مستقلة وعليه أعتقد أن فكرة سن قانون يجرم خطاب الكراهية أمر مهم وجاء في وقته.

هل تعتقد أن الكشف عن مشروع القانون الجديد سينُهي على الأقل المعركة القائمة على منصات التواصل الاجتماعي حاليًا؟

المطلوب تشجيع النقاشات بين الرأي والرأي الآخر، فمثلا أن يقول الإنسان أن “عبان رمضان” أخطأ هذا معقول، لكن اتهامه بالخيانة وهو مهندس مؤتمر الصومام الذي أعطى بعدًا تنظيميًا وسياسيًا وأن نُجرم كل الشخصيات التي تنتمي إلى منطقة القبائل مثل كريم بلقاسم وحسين آيت أحمد، لا ذنب لهم سوى انتمائهم لتلك المنطقة فهي عنصرية.

نحن لا نقدس الأشخاص لكن علينا ترك التحليل والتعليل للبحث الأكاديمي والعلمي. من حق أي شخص أن يختلف مع عبان رمضان أو بن بلة لكن في إطار أخلاقي والحجة العلمية الدامغة. للأسف الجميع يشتم اليوم ماسينيسا وكسيلة ويوغرطا وما إلى ذلك اعتباطيا، مع أننا نعلم أن هؤلاء محترمون في عدة ولايات من طرف شريحة واسعة من الجزائريين وشتم مثل هاته الرموز قد يؤدي إلى شتم رموز أخرى، لذلك النقد العلمي هو من اختصاص الجامعة وليس من هب ودب.

رأينا عندما تَسيّسَ الإسلام وأصبح الجميع يقدم فتاوي كيف عاشت الجزائر حربًا أهلية سنوات التسعينات قطعت فيها الرؤوس باسم فتوى الجهلة، لذلك لا نريد العيش مرحلة أخرى تَفتي بتخوين الرموز التاريخية.

تتهم منظمات حقوقية، السلطة بإذكاء خطاب الكراهية فيما بات يصطلح عليه بقضية الراية الأمازيغية، ما جدية هذا الطرح؟

خطاب الكراهية كان موجودًا قبل حراك 22 فبراير، لكن إنزلاق السلطة الفعلية آنذاك التي لم تدرس جيدًا تلك الإجراءات التي قضت بسجن حاملي الراية الأمازيغية، كان بمثابة ظهير ودعم لخطاب الكراهية.

البعض يقول إن تلك الواقعة نجحت في تقسيم الحراك، هل توافقون هذا الرأي؟

لا يمكن القول انقسام وإنما فقد الحراك بعضًا من بريقه، لأن الجزائريون لا يزالون يرفعون شعارات القطيعة مع النظام، لذلك ليس هناك خلاف في الغاية التي تتمثل في التحول السلس نحو منظومة سياسية جديدة وإنما هناك بعض المشاكل التي خلقها الموقف المتعلق بالراية الأمازيغية الذي فتح باب جهنم على الجزائر وعزز خطاب الكراهية.

كيف تنظر إلى المشاورات التي يجيرها تبون مع الشخصيات الوطنية آخرهم مولود حمروش؟

أنا لا أسميها مشاورات وإنما جس نبض لأن المشاورات لا أتصورها قبل إجراءات التهدئة التي ذكرتها سابقًا، كإطلاق سراح معتقلي الرأي وفتح الإعلام ورفع الضغوط على المسيرات، ومن ثم يكون هناك حوار.

أكرر أن ما يجري الآن بالنسبة إليَّ جس نبض مع شخصيات تقدم وجهة نظرها عما تراه ضروريًا. من التقى بهم تبون لحد الآن قد يمثلون شريحة معينة من المجتمع الجزائري، لأن التمثيل الحقيقي لا يمكن الحصول عليه إلا بالانتخابات.

لا يمكن إنكار أن تبون هو الرئيس الفعلي بالأمر الواقع، لكن هو يدرك جيدًا أنه لا يملك الشرعية الشعبية الكاملة وبالتالي هو يحاول أن يَسير في اتجاه جس النبض ومحاولة معرفة ما يمكن عمله.

قناعتي تامة بأن كل من يلتقي معهم الرئيس من رموز المجتمع الجزائري هم يقولون نفس ما أقوله، بأنه لا بد من إجراءات تهدئة لأنه بدونها ستتفاقم الأوضاع خصوصًا أننا مقبلون على أزمة اقتصادية حادة.