search-form-close

الجزائر – الأقدام السوداء، الجماجم وشهداء نوفمبر: ملفات تاريخية “ورطت” أويحيى

  • facebook-logo twitter-logo

الجزائر – TSA عربي: وقع الوزير الأول أحمد أويحيى، خلال مشاركته في احتفالات مئوية انتهاء الحرب العالمية الأولى بباريس، في حرج جديد، بعدما نقلت قنوات تلفزيونية عمومية وخاصة تصريحات وصف فيها شهداء ثورة حرب التحرير بـ”القتلى”، قبل أن تُسارع الوزارة الأولى لتكذيبها.

تصريحات أويحيى (قبل نفيها) أثارت جدلاً واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، فاتحة الباب أمام التساؤلات، أبرزها لماذا وظف الوزير الأول مصطلح “القتلى” بدل الشهداء؟ وكيف يمكنه ارتكاب خطأ كهذا أمام كبار قادة وزعماء العالم الذين وجدوا في احتفالات مئوية الحرب العالمية الأولى بفرنسا، فرصة لاستعراض قوتهم كأطراف فاعلة في رسم السياسات الدولية الكبرى؟

وفي خضم الجدل المثار، أصدرت الوزارة الأولى بيانًا تتهم فيه قناة تلفزيونية خاصة (لم تذكرها) بتركيب تصريحاته خلال خطابه بباريس بخصوص شهداء حرب التحرير الوطني حيث يكون قد ذكرهم بعبارة الـموتى وليس بعبارة الشهداء”. لكن رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا مقاطع نقلتها القناة الجزائرية الثالثة وتلك الناطقة بالفرنسية “كنال ألجيري”.

الأقدام السوداء.. التطبيع

وخلال شهر جوان الماضي، فجّر أويحيى، جدلاً حادًا في البلاد، عقب دعوته لرجال الأعمال الجزائريين بالاعتماد على الأقدام السوداء” للتسويق لمنتجاتهم في الخارج، وهو ما جعل الأحزاب والمنظمات الثورية تشُن حربًا ضده، متهمة إياه بالتطبيع مع “الأقدام السوداء” لاسترجاع ممتلكاتهم إبان العهد الاستعماري.

وقتها، قالت المنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين إن تصريحات الوزير الأول لا تبعث عن الارتياح وتعتبر مساسًا بكرامة الشعب الجزائري ومكاسب الأمة إضافة إلى النيل من قيم الثورة التحريرية 1954″، على حد تعبيرها.

وأوضحت “لقد تناسى هؤلاء ما ألحقته الأقدام السوداء والمعمرون من مآس بالشعب طيلة الحقبة الاستعمارية، وعلى وجه الخصوص في أواخر الثورة من تشكيل عصابات سرية إرهابية ارتكبت أبشع الجرائم وعاثت في البلاد فسادًا وتقتيلاً وتخريبًا”.

في حين رأت المعارضة أن تصريحات الوزير الأول جاءت متناغمة مع تلك التي أدلى بها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون عقب زيارته إلى الجزائر شهر ديسمبر 2017، حيث قال” لقد دعوت السلطات الجزائرية إلى العمل في اتجاه المصالحة التاريخية، ويبدو لي مُهمًا، خلال الأشهر المقبلة، أن نجد السبل لتمكين الرجال والنساء الذين وُلدوا في الجزائر (الأقدام السوداء)، والذين يريدون العودة، مهما تكن قصتهم العائلية مع هذا البلد”.

وعلى وقع الانتقادات التي طالته، اضطر أويحيى للتراجع عن دعوته للاستعانة بالأقدام السوداء في دعم التجارة الخارجية للجزائر، لكن بقبعته الحزبية كأمين عام للتجمع الوطني الديمقراطي، وليس بصفته رئيسًا للجهاز التنفيذي.

وقال الرجل إن ما وقع سوء فهم “لكن لو عدت إلى ذلك التاريخ (يوم إطلاق تلك التصريحات) لن أعيدها، لأن المجتمع ليس مستعدًا لفهمها، ويجب عقد محاضرة لساعة كاملة لتفسير قصدك منها”.

وجاء ردُّ الوزير الأول مناقضًا تمامًا لخطابات الحكومة التي تعتبر أن ملف “الأقدام السوداء”، مفصول فيه كونها لن تسمح بعودة الحركى وتعويض الأقدام السوداء عما يزعمون أنها “أملاك تركوها بعد مغادرتهم الجزائر عام 1962، وهو التصريح الذي أدلى به وزير المجاهدين، الطيب زيتوني، المنتمي سياسيًا إلى حزب الأرندي لأمينه العام أحمد أويحيى.

جماجم الثوار المسجونة

كما يشكل مطلب إسترجاع شهداء المقاومة المعروضة في متحف الإنسان بباريس، التي تعود إلى قرن ونصف من الزمن، من بين الملفات التاريخية التي خاض فيها أويحيى، حيث أكد أمين الأرندي أن ليس هناك جدوى من استرجاعها، في تصريح فاجأ الجميع.

وفي خطوة لاحتواء الوضع، سارع وزير المجاهدين لتبرير تصريحات مسؤوله الأول بتأكيده ” لا أعتقد أن أويحيى يريد أمرا سلبيًا وإنما كان يقصد أن العالم سيكون شاهدًا على بشاعة الاستعمار الفرنسي عند رؤيته لتلك الجماجم في المتحف”.

وفي وقت يعتبر حزبه الأرندي، أن الانتقادات التي يتعرض إليها أويحيى بصفته وزيرًا أول وأمينا عامًا، حملة مغرضة هدفها النيل من مصداقيته وسمعته، يرى مراقبون أن تصريحات أويحيى الأخيرة، لها ارتباط وثيق بالترتيب للاستحقاق الرئاسي القادم، حيث لا يستبعد في أن يكون لاعبا أساسيًا فيه.