search-form-close

الجزائر – الديون الكبيرة للشركات العمومية تثير أخيرا قلق الحكومة

  • facebook-logo twitter-logo

الجزائر – TSA عربي: أثار مجلس مساهمات الدولة في قراره المؤرخ يوم 12 ديسمبر، انزعاجه من مستوى ديون الشركات العمومية، حيث يشير تقرير المجلس الذي يترأسه الوزير الأول أحمد أويحيى إلى “الحالة المقلقة” حول مديونية الشركات المملوكة للدولة، والتي لم يحدد مقدارها، مما يؤثر سلبا على موارد الخزانة العمومية.

وللحد من هذه الوضعية المقلقة أوصى المجلس بوضع تدابير طارئة ومتابعة مستمرة من طرف الوزارات الوصية. كما يدعو المجلس إلى إنشاء آلية متابعة شهرية لهذه الديون وتخفيضها تحت إشراف الوزير.

ويبدو أن رد فعل مجلس مساهمات الدولة الموسوم “بالطارئ” يأتي في وقت استفحلت فيه هذه الديون، وفي وقت متأخر من وصولها الى مستويات قياسية تؤثر على الخزينة.

إضافة الى هذا فإن التقرير يأتي في الوقت الذي أكد فيه صندوق النقد الدولي أن مجموع الديون العمومية بلغ ما نسبته 50 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2017، مرتفعا بنحو 10 بالمئة عن السنة التي قبلها، حيث كان في 2017 يبلغ 40 بالمئة، في حين لا تزال مستوياته مجهولة في 2018، غير أن رد فعل الحكومة هذا يؤكد أنه ارتفع بسرعة وبشكل مقلق.

وتتمثل ديناميكية ارتفاع الديون العمومية في خطوات، الأولى تتمثل في ديون مضمونة، لصالح المؤسسات العمومية الممولة من طرف البنوك، والتي بلغت وحدها 21 بالمئة، من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية 2017، وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي التي تم الإعلان عنها في الصيف الماضي.

ثم يتم شراء هذه الاعتمادات المالية للبنوك من قبل الدولة، فبين عامي 2009 و2016 ، كان أكثر من 1900 مليار دينار (حوالي 16 مليار دولار) عمليات قامت بها الدولة لمساعدة الشركات العمومية التي تراكمت لديها الديون الداخلية.

وحسب الافامي، ففي نهاية 2017، تمثل ديون المؤسسات العمومية أكثر من نصف (54٪) من حجم الدين الحكومي، مقارنة بحوالي 30 بالمئة في عجز الموازنة، أما الباقي فكان بسبب قرض النمو التي تم إطلاقها في 2016.

حالة سونالغاز والبنك الوطني الجزائري

من خلال حالة سونالغاز، يمكن الفهم وبشكل مبسط الأهمية الخاصة التي اتخذتها مؤخرا “إعادة هيكلة” ديون المؤسسات العمومية في ديون الدولة.

ذكر الرئيس المدير العام لمجمع سونالغاز محمد عرقاب، أن ديون مؤسسته وضعته وجها لوجه مع البنوك الجزائرية، حيث بلغت مستويات قياسية 1400 مليار دينار(12 مليار دولار)، في نهاية 2017، كاشفا عن “ضمان ودعم الدولة لقروضها طويلة الأجل بشروط ميسرة للغاية لتمويل استثماراتها”، مضيفاً أنه حصل على 300 مليار دينار من أجل دعمه فقط لعام 2017.

هذه الديون التي تعاقدت عليها سونالغاز والتي لا تستطيع الشركة سدادها، هي اليوم “موضوع مثير للقلق” بالنسبة للكثير من البنوك الجزائرية، وهي تعيد شراءها بانتظام من قبل الدولة لتخفيف العبئ على البنوك العمومية التي قد تنهار بسببها.

أسباب ديون الشركات العمومية

وليست سونالغاز وحدها من تشكو من هذه الوضعية الصعبة، فهناك العديد من الشركات العمومية الأخرى مثل اتصالات الجزائر والشركة الوطنية للنقل بالسكك الحديدة، وشركة توزيع المياه وغيرها، والتي تئن تحت هذه الوضعية بسبب أن أسعارها ضلت دون الكلفة الحقيقية للعمليات لأكثر من عقد لاعتبارات اجتماعية.

ولا شك في أن أسباب تضخم مديونية المؤسسات العمومية يرجع في المقام الأول لأهمية برامجها الاستثمارية، ونحن نعلم أنه بالنسبة لشركة سونالغاز تجاوزت في المتوسط في السنوات الأخيرة المبلغ السنوي المقدر بـ 3 مليار دولار.

وفي حالة شركة اتصالات الجزائر، ذكرت الوزيرة هدى إيمان فرعون هذا الأسبوع أن 300 مليار دينار هو حجم الاستثمارات التي تم إجراؤها بين عامي 2014 و 2018 ومرة أخرى 190 مليار دولار من المزمع استثمارها خلال 2019.

وليس حجم الاستثمارات وحده من ينفخ ديون المؤسسات العمومية، فهناك أيضا العديد من العوامل الأخرى لا سيما تلك المرتبطة بأعباء الأجور التي تم رفعها بانتظام في السنوات الأخيرة، كما تعاني هذه الشركات من مشاكل إدارية خطيرة ، على سبيل المثال في حالة عدم الاستقرار الإداري بسبب التعديلات الوزارية والتي تمنع تنفيذ أي خطة تنمية جادة.