الجزائر- TSA عربي: صنفت الحكومة ظاهرة الهجرة غير الشرعية أو ما يصطلح عليه شعبيًا بـ “الحرقة” في خانة الفعل الانتحاري، وذلك ضمن مساعيها الرامية لتنبيه الشباب الجزائري من خطوة المغامرة بحياتهم في عرض البحر.

وتُوّجت أشغال المنتدى الوطني حول ظاهرة “الحرقة” الذي إحتضنه قصر الأمم بنادي الصنوبر بالجزائر العاصمة، يوم 20 جانفي الجاري، بعدة توصيات سيتم تبنيها كخارطة طريق تبلور مقاربة جديدة للحد من هاته الظاهرة الاجتماعية.

وأوصت ورشة “الاتصال والتحسيس وفضاء الانترنت من أجل عمل وقائي مشترك”، التي شارك فيها عدة خبراء ومختصين، باعتماد مصطلح موحد لوصف ظاهرة الحرقة بـ “الهجرة الانتحارية”، وهو المقترح الذي تقدم به مغني الراب المعروف ” كريم الغانغ”.

وكتب مغني الراب في صفحته الرسمية على الفايسبوك :” شاركت في المنتدى الوطني حول ظاهرة الحرقة الذي دام يومين، وبالضبط كنت في الورشة المخصصة من أجل العمل الوقائي المشترك، الإعلام وفنون الاتصال”.

“ومن بين التوصيات التي اقترحتها، حرصت على اعتماد الهجرة الانتحارية (L’immigration suicidaire) كمصطلح موحد، أدق وأصح يبرز الطابع الانتحاري لهذا الفعل ويخصص بالضبط لهذا النوع من الهجرة التي تستعمل فيها قوارب الموت” يقول صاحب المنشور.

وإعتبر مغني الراب المشهور أن “هذا النوع من الحرقة يختلف تمامًا عن الحرقة التقليدية و طرق الهجرة غير الشرعية الأخرى”.

وأدرج كريم الغانغ ملاحظة في منشوره على صفحته على الفايسبوك، أكد فيها أنه نقل انشغالات الشباب خلال مشاركته في منتدى الحرقة، مشيرًا ” حقيقة ظاهرة الهجرة الانتحارية أعمق بكثير، وفيما يتعلق بالبديهيات المتعلقة بالفساد، والشباب لا يثق في السلطة، والمجتمع لا يرحم، والشعب كره من الدولة، والجهل، والفقر، وكل ما يعرفه الصغير والكبير في بلادي .. فإننا قلنا لهم ذلك”.

الغانغ .. لست ضد الهجرة

وفي تصريح لـ “tsa عربي” قال كريم الغانغ :” هدفي من اقتراح مصطلح الهجرة الانتحارية واضح وهو التمييز بين هجرة القوارب عن بقية أنواع الهجرة الأخرى التي هي خيار لابد من احترامه وأنا شخصيًا لست ضدها”.

ويعتقد محدثنا أن أول خطوة لمعالجة هاته الظاهرة، حصرها في مصطلح ولا يوجد أحسن من وصفها بـ “الهجرة الانتحارية” حتى تترسخ في العقل الباطني للشباب الذين يدركون مسبقًا أن الهجرة سرًا في قوارب متهالكة مغامرة وخطر على حياتهم.

وأوضح مغني الراب المعروف في الأوساط الشبابية بأن الورشة التي شارك فيها خلال انعقاد المنتدى الوطني للحرقة، ناقشت أسباب الظاهرة وتداعياتها بحضور خبراء ودكاترة في الإعلام والاتصال.

الشباب talk وريبورتاجات عن الحرقة

بالإضافة إلى ذلك، أوصت الورشة بتنظيم مبادرة “الشباب talk ” بمعنى الشباب يتكلم، حيث تركز المبادرة على إشراك الشباب المؤثر من مشاهير ورياضيين وموهوبين بمختلف المجالات في نقل الرسائل التوعوية والايجابية المحفزة، عبر تنظيم لقاءات لهم مع الشباب عبر مختلف ولايات الوطن.

كما ركزت التوصيات على ضرورة “اعتماد خطاب سياسي مطمئن في متناول الشباب وباعث للأمل”، وكذا إعداد ريبورتاجات عن ظاهرة الحرقة بداية من الجزائر إلى غاية الدولة المقصودة والظروف الصعبة المحيطة بها بالتنسيق مع مصالح “حرس السواحل” ووزارات الداخلية والشؤون الخارجية والاتصال.

وأيضًا، الحرص على الترويج للجانب الخفي للهجرة غير الشرعية من خلال مواد مصورة مؤثرة تصحح مخيال الهجرة وتوضح واقع المهاجرين السريين كرد فعل معاكس لما يروج له من طرف مجموعات التجارة بالبشر وتعزيز بث شهادات حية لشباب عائد من رحلة الموت والتسويق لمشاريع نجاح الشباب الجزائري عبر مختلف وسائل الإعلام والصناعات الثقافية لاسيما تلك الموجهة للشباب من سينما وأفلام قصيرة وفيديوهات وأغاني شبابية ورياضية.

بدوي يُهدد

وخلال افتتاحه أشغال المنتدى الوطني لـ”الحرقة”، مطلع الأسبوع الجاري، هدّد وزير الداخلية نور الدين بدوي، بملاحقة مجموعات شبابية “تبث اليأس والإحباط” على مواقع التواصل الاجتماعي، وتشجع على “الهجرة السرية” عبر قوارب الموت بعرض البحر.

وتابع، أنه “تم التوصل إلى وجود 51 صفحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تحرض على الحرقة، تستغل هذا الفضاء لنشر البؤس والإحباط، صفحات أعدت ملفات قضائية ضد أصحابها”.

في حين اعتبر بدوي أن شبكات التواصل الاجتماعي والأغاني تساهم في تفاقم ظاهرة “الحرقة”، مشيرا إلى أن :” الأغاني التي يؤديها بعض من شبابنا، تجدها مليئة بالإحباط، ولا يدرك أصحابها خطورتها، وكم روحًا تفقد بسببها، لذلك ندعوهم إلى التعقل” .