search-form-close

الجزائر- بن بيتور :”النظام في مأزق و نتائج ندوة الإجماع ستفشل” (حوار)

  • facebook-logo twitter-logo

الجزائر- TSA عربي : توقع رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، فشل نتائج ندوة الإجماع الوطني التي تُحاول السلطة الترويج لها كبديل للإنتخابات الرئاسية المقرّرة شهر أفريل 2019، ويعتقد بن بيتور في حوار مع “tsa عربي” أن النظام يسعى إلى كسب المزيد من الوقت بعدما وقع في مأزق بسبب تدهور الحالة الصحية للرئيس بوتفليقة التي تحول دون ترشحه لعهدة خامسة.

ماهي قراءتكم للوضع الحالي الذي تمر به البلاد مع إقتراب موعد رئاسيات 2019 ؟

لتحليل الوضع العام في البلاد علينا الأخذ بعين الإعتبار ثلاث أشياء وهي حالة المجتمع، نظام الحكم والإقتصاد. المجتمع الجزائري يُعاني اليوم من خمسة أمراض تتمثل أساسًا في غياب الأخلاق الجماعية، العنف الذي أصبح الوسيلة المفضلة في حل النزاعات بين الأشخاص، بالإضافة إلى الفساد المعمم واللامبالاة أو كما نقول بالعامية” تخطي راسي”، أما المرض الخامس فهو “القدرية” أو الحتمية.

لما نكون في مجتمع يُعاني من هذه الأمراض كلها، علينا أن نفكر أولًا في إعادة بناء المواطنة حتى نحس أننا نعيش في بلد واحد.

أما عن نظام الحكم، فإن السلطة الجزائرية تتميز بثلاث عوامل أولها التسلط، بمعني إذا أيدتني فأنت معي وإذا لم تفعل ذلك فأنت ضدي وأُجَندُ كل الإمكانيات والوسائل لاسكاتك، وهو الأمر الذي يجعل السلطة العليا لا تحوز على معلومات دقيقة عن حال البلد لأنها تسمع للأصوات المؤيدة لها فقط.

الخصوصية الثانية هي الإرث، ما يعني أن النظام السياسي يتكون من مجموعات تتنافس فيما بينها لإرضاء القائد للاستفادة من إمتيازاته. هذه المجموعات تعتبر المجتمع متخلف وغير مؤهل للعمل السياسي ما يخلق فجوة بين الحاكم والمحكوم.

أما الخصوصية الثالثة فهي الأبوية، أي أن القائد يرى نفسه وصيًا ولا يرغب في وسيط بينه وبين الشعب وهو ما يجعل المؤسسات فاشلة ولا تؤدي دورها.

وإذا أضفنا الريع والنهب فتلك هي الدولة المميعة التي تتميز بـ 5 مؤشرات وهي تأسيس الجهل والركود، عبادة الأشخاص، التأسيس للفساد، حصر مصدر القرار بين أيدي مجموعة محدودة من الأشخاص، وأخيرًا تفكيك الأقطاب في هرم السلطة.

المؤشرات الخمسة متوفرة وهنا نحن أمام دولة مميعة. ولا يمكنُنا المضي قدمًا عن طريق الإكتفاء بتغيير الأشخاص فقط وإنما بتغيير المؤسسات ونظام الحكم بكاملة.

وبخصوص الوضع الإقتصادي، فهو مبني على الريع والنهب. لكن مداخيل تصدير المحروقات إنخفضت من 63 مليار دولار عام 2013  إلى27 مليار دولار في 2016 .ولن تقفز فوق الـ 30 مليار على المدى المتوسط والبعيد كمدخول سنوي. بينما فاتورة الاستيراد كانت عند مستويات 12 مليار في 2001 وإرتفعت إلى 68 مليار دولار في 2014، إضافة إلى 8 مليار دولار أرباح المؤسسات الأجنبية العاملة في الجزائر لتصل النفقات الخارجية 76 مليار دولار.

ولعل أهم مشكل يُواجه الجزائر اليوم عجز الميزان التجاري، الذي تحاول الحكومة تغطيته عن طريق اللجوء إلى مخزون العملة الصعبة، وهو ما تشير إليه الأرقام، ففي عام 2015 تم إقتطاع 34 مليار دولار لتغطية عجز الخزينة العمومية، وفي عام 2020 سنصل إلى درجة نفاذ إحتياطي الصرف بالكامل وهنا ستواجه البلاد أزمة حقيقة.

لكن الحديث دائر اليوم عن تأجيل الإنتخابات وعقد ندوة وطنية، فما رأيكم؟

النظام الحاكم  كان يُفكر في التوجه نحو ترشيح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة، لكن تدهور حالته الصحية التي لاحظها الجزائريون عند ظهوره يوم الفاتح نوفمبر، وعدم استقباله لولي العهد السعودي، يؤكد إستحالة ترشحه.

النظام لم يجد حلًا سوى التفكير في إمكانية عقد ندوة الإجماع الوطني، والإعلان عن فترة إصلاحات عميقة، لكن السؤال المطروح اليوم كيف للنظام الذي عجز في إحداث إصلاحات طيلة 20 سنة الماضية، أن يفعل ذلك في ظرف سنة؟. الأكيد أن الهدف هو الإطالة في عمر النظام إلى غاية إيجاد الحلول.

هل تعتقدون أن الجزائر تتوجه فعلًا نحو تأجيل رئاسيات 2019 ؟

الأمر لم يُطرح على أنه تأجيل للإنتخابات وإنما إرساء فترة إصلاحات عميقة فيما يخص تنظيم الدولة والاقتصاد.. لم يتم الحديث عن تأجيل الإنتخابات ولا عن فترة إنتقالية، لكن أكرر كلامي، النظام  كانت في يده كل السلطات ولم يفكر في إصلاحات، وبين عشية وضحاها أصبح يتحدث عن عقد ندوة إجماع وطني. أظن أن الهدف ليس الإصلاح بقدر ما هو كسب الوقت لغاية إيجاد حل ينقذ به نفسه ( النظام) من التناقضات الحاصلة.

لكن حركة مجتمع السلم التي تصنف في خانة المعارضة، كانت أول تشكيلة سياسية تدعو لتأجيل الإنتخابات ؟

عندما نتحدث عن شيء علينا تحديد الأهداف وليس الإكتفاء بالتعبير فقط، التحدي اليوم هو البحث عن كيفية إخراج البلاد من الأزمة التي تعيشها، وكذا البرامج التي تعالج الأمراض الخمس التي يعاني منها المجتمع، وبناء المواطنة والإقتصاد. إذا لم تكن أجوبة لهذه الأسئلة لا يمكننا التحدث عن مخرج  للأزمة.

حمس ربطت مقترحها بعدم توفر شروط النزاهة والشفافية لتظيم هذا الإستحقاق، ما تعلقيكم ؟

لا توجد شروط لتنظيم انتخابات نزيهة وشفافة، هذا واضح. لقد قلت ذلك بالفعل،  إذا لم يُعلن قبل شهر نوفمبر عن عدم ترشح الرئيس بوتفليقة، لن نكون أمام   انتخابات ناجحة. وبالتالي حتى التأجيل لن ينفع في شيء أيضًا.

في حال وجهت لكم الدعوة، هل تشاركون في ندوة الإجماع الوطني؟

عن قريب ستتضح الأمور إن ماكان هناك تأجيل للإنتخابات أم لا، لأنه حسب ما يتم تداوله فإن الندوة الوطنية للإجماع الوطني ستعقد شهر جانفي القادم. أنا شخصيًا لم ألتق مع أحد ولم توجه لي الدعوة وحتى في حال وجهت لي لن أشارك فيها، كما أنني لن أترشح للرئاسيات القادمة.

في عام 2011، حذرت من أننا في عام 2017 سنُواجه مشاكل في وسائل التمويل ومن ثم اقترحت فكرة عقد مؤتمر وطني، يتمخض عنه 5 أشخاص، تتمثل مهمتهم الأولى خلال الـ  3 أشهر الأولى في الشرح للرأي العام أن النظام السياسي مقدم على الزوال.

أما مهمتهم الثانية هي الإعداد لخارطة طريق لحكومة انتقالية يختارون أعضاءها. ثم يصبح هؤلاء الأشخاص الخمسة أعضاءً في المجلس الأعلى للأمن الذي ستكون لديه مهمة مراقبة عمل الحكومة والإعداد بعد عام للانتخابات الرئاسية وفق برنامج محدد مسبقًا لإختيار مرشحين للرئاسيات، لهم القدرة على إخراج البلاد من الأزمة.

في ذلك الوقت  أي عام 2011 لم تحظ مبادرتي بالموافقة وقيل أن السيد بن بيتور يسعى لتخويف الشعب. للأسف اليوم  لم يعد هذا السيناريو ملائمًا، لأنه في سنة 2020 ستواجه بلادنا مرحلة عصيبة ولن نجد وسائل للتمويل.

إذا، ما هي توقعاتكم بالنسبة لنتائج ندوة الإجماع الوطني؟

لا يمكن الحكم عن ندوة الإجماع الوطني الآن، لكن أتوقع بالتأكيد فشل نتائجها لأنها مرتبطة بأشخاص وهدفها ربح الوقت وليس البحث عن إصلاحات حقيقية، كما أن الظروف غير ملائمة لعقدها.

أين يُصنف بن بيتور نفسه حاليًا، هل هو شخصية معارضة للنظام ؟

للتحدث عن المعارضة ، يجب أولاً أن نكون في نظام ديمقراطي مع أغلبية في السلطة ومعارضة تعمل من أجل الوصول إلى السلطة. لا أعتبر نفسي شخصية معارضة، لكني أسعى لتنوير الرأي العام بشأن الوضع الحقيقي للبلاد.

وفقني الله في الدراسة، ولدي الخبرة ، وهذه المعرفة أضعها في خدمة الشعب. أما شروط الترشح للانتخابات لم تتوفر. وبالتالي الترشح من أجل إعطاء مصداقية لهذا الموعد الإنتخابي الذي لا يستحق هذه التسمية، فإن الأمر لا يدعو للعناء. أعتقد أن ثمة حلًا واحدًا للخروج من هذا المأزق يتمثل في تغيير النظام السياسي الحالي بالجملة واستبداله بآخر، وليس تغيير الوجوه فقط.