الجزائر – TSA عربي: يعتقد المحلل السياسي، ورئيس مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسط، حسني عبيدي، أن مرحلة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إنتهت والنظام السياسي يبحث حاليًا عن خروج مشرف، في حين نبّه عبيدي في حوار مع “tsa عربي” الجزائريين إلى ضرورة التجند لخوض معركة الانتقال الديمقراطي لكونها أحرج مرحلة في تاريخ الشعوب.
يستعد الجزائريون لخامس جمعة من مسيرات مليونية باتت تشد أنظار العالم، كيف يمكن توصيف ما يحدث؟
أعتقد أن ما تعيشه الجزائر دليل على أن المجتمع يعيش دينامية خاصة، وحالة من التراكم لمشاكل سياسية واجتماعية واقتصادية، وترشح عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة كان نقطة الحسم في خروج الشعب الجزائري إلى الشارع للقول لا، ليس فقط لترشح بوتفليقة وإنما لاستمرار النظام الذي أثبت فشله على كافة الأصعدة. وبالتالي لا يمكننا الحكم من الآن على هذا الحراك إن ما كان ثورة عارمة أم احتجاجات قوية أدت إلى تغيير معادلة النظام.
البعض يُشبه الحراك بالربيع العربي؟
كل دولة لها ربيع عربي ولا أريد التعميم. الربيع العربي ليس فصلًا من فصول السنة وإنما هو لحظة تاريخية أرادت من خلالها الشعوب أن تتخلى أو تتحرر من سلطة الأنظمة السلطوية وكل دولة لها حركيتها الخاصة وديناميتها وهي وليدة مخاضات اجتماعية داخلية.
الجزائر عرفت مرحلة تغيير، عقب أحداث أكتوبر 1988 والتي أدت فعلًا إلى جو من الحريات العامة والخاصة قبل كل الدول العربية وكانت فترة انتقال ديمقراطي لكن لم يكتب لها النجاح.
الجزائر تدخل اليوم في مرحلة جديدة بدأها المواطن والشارع الجزائري وأعتقد أن مآلات هاته المرحلة، استفادت من التجارب السابقة سواء في الجزائر أو في بعض الدول العربية. لكن لا يمكن تعميم أي تجربة على الواقع الجزائري لأن الحراك ترجمة لواقع داخلي وليس إقليمي في نهاية المطاف.
ماهي درجة استجابة النظام السياسي للمطالب المرفوعة؟
الحراك الشعبي أثبت أن النظام السياسي جامد ولن يُغير من أسطوانته القديمة والرواية الرسمية المتعلقة بالأمن واستمرارية الدولة والمخاطر في حين أبدع الشارع ليس فقط في سجل المطالب وإنما في طريقة التغبير على رغبته في إحداث قطيعة مع النظام. اكتشفنا مجتمعًا مدنيًا واهتمامًا بالقضايا السياسية.
أعتقد أن زمام المبادرة أصبحت لدى الشارع والمجتمع الجزائري هو المحرك وصانع القرار الأساسي بالإضافة إلى المؤسسة العسكرية والقطب الرئاسي وإذا أراد النظام أن يستمع إلى الشارع فإن ذلك سيكون ضمان له لإنجاح العملية الانتقالية وذهاب النظام السياسي الحالي أو أقطابه بطريقة مشرفة.
ما هو أحسن حل في نظركم للخروج بسلاسة من الأزمة التي تعيشها البلاد حاليًا؟
أحسن حل للنظام هو تنظيم ذهابه وليس بقائه في السلطة، أما بالنسبة للشعب سيكون أمام معركة كبيرة لأن تحديات المرحلة الانتقالية جسيمة جدًا وستبدأ من الآن. وهنا تتبادر بعض الأسئلة إلى الأذهان، كيف يمكن مواجهة المرحلة الانتقالية ومن هم رجالاتها، هل لابد من إصلاح الدستور أو التوجه إلى تعديله جذريًا عن طريق التوجه نحو استفتاء، هل من الأحسن تعيين هيئة انتقالية أم إنتخاب رئيس مرحلة لانتقالية؟ كل هاته الأسئلة مهمة، دون أن ننسى التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
فترة الانتقال الديمقراطي هي أحرج مرحلة في تاريخ الشعوب لأنها مرحلة خوف. المواطن يغادر مرحلة أمان ضمنها النظام ويدخل في مرحلة يصبح فيها النظام السياسي غير قادر على الاستمرار ومُغيب من طرف الشارع، هنا أقول أنه يتعين على الشعب الذي أبدع في رفع مطالبه أن يستمر في المعركة لإنجاح المرحلة الانتقالية.
هل نفهم من كلامك أن النظام الحالي انتهى؟
مرحلة بوتفليقة إنتهت والحديث الجاري اليوم هو البحث عن مخرج مشرف له يقبله الحراك الشعبي الذي أصبح صانع القرار الأول، والذي أثر في دوائر السلطة ومعادلة الأقطاب الثلاث الحاكمة من أجل دفعها لتغيير مواقفها.
هل أنت مع فكرة بروز قيادين للحراك؟
لا يجب المساس بالحراك الشعبي لأن دوره هو الضغط على النظام السياسي لإجباره على تقديم تنازلات أكبر. الحراك ليس هدفه العرض السياسي لأن هناك شخصيات مستقلة وأحزاب لها القدرة على تقديم اقتراحات للخروج من الأزمة.