search-form-close

الجزائر – عجزت عن فرض نفسها… هل تجاوز الحراك الأحزاب؟

  • facebook-logo twitter-logo

الجزائر – TSA عربي : منذ 22 فبراير، بات الشارع الملجأ الوحيد للشعب الجزائري، فهناك تُرفع المطالب ويتجاوب الحراكيون مع مستجدات الساحة السياسية وخطابات السلطة الفعلية (المؤسسة العسكرية) إزاء الوضع الراهن، غير أن اللافت هو اختفاء الأحزاب السياسية بمختلف تياراتها وأطيافها من المشهد، إذ لا يقتصر الأمر على أحزاب السلطة التي يرفُضها الحراك ويُطالب بحلّها، بل حتى المعارضة التي تعيشُ عزلة غير مسبوقة.

مع بداية الحراك، حاولت أحزاب المعارضة المتكتلة تحت لواء “قوى التغيير من أجل نصرة الحراك الشعبي” فرض نفسها في الساحة بإعلان مساندتها المطلقة لمطالب الشعب الجزائري، غير أنه مع مرور الأيام، توارت عن الأنظار. بالتحديد منذ السادس من شهر جويلية الفارط، وهو التاريخ الذي عَقدت فيه ندوة الحوار الوطني، والتي بات يُصطلح عليها بـ”ندوة عين البنيان” نسبة إلى المكان الذي اجتمع فيه المشاركون بالمدرسة العليا للفندقة غربي العاصمة.

وإن كان يبدو هذا الغياب مبررًا لدى البعض عقب رفض رئاسة الجمهورية التجاوب مع مخرجات ندوة “عين البنيان” التي كشفت عن خارطة طريق “معقولة” للخروج من الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، يراه البعض الآخر على أنه واقع يعكسُ فشل هاته الأحزاب في الإقناع، بدليل عجزها حتى على الاجتماع مجددًا لممارسة بعض الضغط على السلطة.

الأمر ليس حكرًا على “قوى التغيير من أجل نصرة الحراك الشعبي” التي تضم في صفوفها أحزاب إسلامية وشخصيات من التيار الوطني، وإنما حتى “قوى البديل الديمقراطي” الذي يضم أحزاب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الأرسيدي) وجبهة القوى الاشتراكية (الأفافاس) وحزب العمال، وغيرها من التشكيلات والفعاليات التي ترفض العمل بالدستور وتدفع نحو الحلول السياسية.

والظاهر أنه حتى هيئة الحوار والوساطة لا تعترف أصلًا بدور الأحزاب السياسية في المرحلة المقبلة، بدليل أن منسقها العام كريم يونس، ألمح إلى أن لقاءات الهيئة مع التشكيلات السياسية سيكون استشاريًا، في حين جزم بأن أحزاب السلطة التي دفعت بوتفليقة للترشح لعهدة رئاسية خامسة، لن تشارك في الحوار لأن 43 مليون جزائري لفظها بعيدًا ولا يرغب في لعبها أي دور عقب رحيل بوتفليقة وسجن قادتها بتهم الفساد.

وعن عجز الظاهرة الحزبية في الجزائر عن إقناع الجزائريين بالمبادرة، يعتقد الباحث في علم الاجتماع السياسي، ناصر جابي، في مقال نشره في جريدة القدس” أن الحراك الشعبي يرفض أحزاب المعارضة تمامًا كرفضه أحزاب الموالاة، ويشير إلى أن

الأحزاب السياسية المعارضة لم تقم بقراءة جيدة للحراك الشعبي، فلم تنجز عملًا نقديًا داخليًا لأساليب عملها وطرق تجنيدها وكأن شيئا لم يحدث في الجزائر منذ 22 فيفري”.

ويرى جابي في تحليله أن هاته التشكيلات السياسية “اكتفت بتنظيم ندوات وإصدار بيانات وإلقاء خطب داخل قاعات مغلقة، فيما لا تحسن قياداتها الخطابة السياسية أصلا”. ويذهب إلى أبعد من ذلك فيؤكد أنها “تريد استغلال غياب أحزاب الموالاة المفككة، للانقضاض على ما تعتقد أنها فرصتها التاريخية، وترفض ن تستوعب هذه اللحظة التاريخية التي تعيشها الجزائر للخروج بورقة طريق موحدة في مواجهة السلطة القائمة، بدل البقاء في منطق الانقسامية السائد”.

في السياق يتوقع الباحث في علم الاجتماع السياسي أن “هذه الأحزاب مهددة بالتجاوز من قبل المواطنين، الذين لازالوا يتعاملون معها كجزء من النظام السياسي، الذين يريدون تغييره والقطيعة معه، في انتظار أن تنجز هذه الهبة الشعبية وجوهها الشابة المعبرة عنها كلحظة قطيعة في التاريخ السياسي للجزائر” وفق تعبيره.