الجزائر – TSA عربي: منذ يوم 11 مارس الجاري، غادر أويحيى الوزارة الأولى بتقديمه الإستقالة مباشرة بعد اتخاذ الرئيس بوتفليقة إجراءات تأجيل الانتخابات الرئاسية والدعوة للندوة الوطنية، ليعود إلى الواجهة الاثنين 18 مارس، من بوابة الارندي ليرد على مطالب الحراك الشعبي.
وجاء في رسالة وجهها أويحيى لمناضلي حزبه، “فمثلما يحيي الجميع المطالب السلمية لشعبنا فلا بد من الاستجابة لها في أقرب الآجال، حتى نجنب بلادنا أي انزلاق لا قدر الله، وحتى تستعيد الجزائر أنفاسها لمواصلى مسار تنميتها الاقتصادية والاجتماعية”.
لكن هل يعني هذا أن أويحيى تخلى نهائيا عن الرئيس بوتفليقة والتحق بالحراك الشعبي، وأنه يطالب السلطة التي لم يعد رسميا ضمن فريقها بمنصب الوزير الاول، أن تحقق مطالب الشارع؟
لقد بقي أويحيى يدافع عن الرئيس بوتفليقة وخياراته وتوجهات السلطة حتى النهاية، ويمكن نتذكر الأسلوب المستميت في دافعه عن حصيلة 20 سنة من حكم بوتفليقة عند عرضه لبيان السياسة العامة للحكومة في البرلمان، وكيف هدد المتظاهرين بسوريا بالمقولة الشهيرة “الازمة في سوريا بدأت بالورود”.
يحاول الأمين العام للارندي الخروج عن صمته و”التموقع” في الحول الكبير الذي تعيشه الجزائر، وهذا ليس بالضرورة خارطة الطريق التي اقترحها الرئيس بوتفليقة للجزائريين في نفس اليوم الذي انتهى فيه واجباته على رأس الحكومة، فاويحيى لا يشير الى مقترحات فعلية مباشرة، لكن طلبه “الاستجابة لمطالب” الشارع، قد تفهم على عدة وجوه، ومن ضمنها نداء إلى الرئيس بوتفليقة بالمغادرة ، بأي صيغة كانت ، لأن المطالبة الأولى من الشعب الناس هو رحيل الرئيس.
وأويحيى معروف بأسلوبه في الحفاظ على الغموض أثناء تمريره الرسائل السياسية، وهذه المرة تضفي عبارة “من الضروري أن يتنازل الجميع” التي أوردها في رسالته إلى مناضليه المزيد من الغموض، لا سيما وأنه تطرق في نفس الرسالة إلى الندوة التي اقترحها بوتفليقة.
ما الذي يريد أن يمرره الفريق قايد صالح ؟
بعد ساعات قليلة من انتشار رسالة أويحيى عبر وسال الإعلام، كان الفريق أحمد قايد صالح متواجدا في الناحية العسكرية الثالثة ببشار، في زيارة عمل وتفقد، حيث كرر إعجابه بسلمية وحضارية المسيرات الشعبية، مؤكدا أنه يوجد كل مسكلة حل، بل حلول.
وقال الفريق ” فكل ذي عقل وحكمة، يدرك بحسه الوطني وببصيرته البعيدة النظر، بأن لكل مشكلة حل، بل، حلول، فالمشاكل مهما تعقدت لن تبقى من دون حلول مناسبة، بل، وملائمة”.
الفريق قايد صالح لا يقترح أي حلول، وليست من مسؤوليته، لكنه يعتقد ” بأنها تتطلب التحلي بروح المسؤولية من أجل إيجاد الحلول في أقرب وقت، بإذن الله تعالى وقوته
هناك غموض في النص وسيكون من غير المعقول القول ما إذا كان رئيس أركان الجيش يدافع عن “شعور بالمسؤولية” بالنسبة للشارع ، وأنه يجب أن يقدم مطالب “معقولة” أكثر من المطالبة برحيل النظام بجميع مسؤوليه بداية من الرئيس، أو على العكس من ذلك، فإنه يمرر رسالة بضرورة رحيل الرئيس وتجنب مزيد من التعقيدات.
والأبرز في رسالة الفريق أنه لم يشر في كلمته إلى “التعليمات فخامة رئيس الجمهورية ، وزير الدفاع الوطني ، القائد الأعلى للقوات المسلحة”، كما كانت تتضمنها كلماته السابقة.
رسالة بوتفليقة
الرسالة الثالثة التي ميزت نفس اليوم الاثنين 19 مارس، فتعود إلى الرئيس بوتفليقة، عبر وكالة الانباء الجزائرية، بمناسبة ذكرى عيد النصر المصادف ل 19 مارس من كل سنة، والتي دافع فيها عن إجراءاته الأخيرة وعاد لشرح تفاصيل تتعلق بالندوة الوطنية.
وبالنسبة لبوتفليقة ، لا يوجد حل خارج “الندوة الوطنية الجامعة، بمشاركة مختلف مكونات المجتمع الجزائري” ومراجعة “عميقة” للدستور عن طريق الاستفتاء ، والذي ستؤدي إلى انتخاب رئيس للجمهورية.
وباختصار فإن بوتفليقة يحافظ على خارطة الطريق المؤرخة في 11 مارس، بما في ذلك بقاؤه في منصبه بعد 28 أبريل ، عندما تنتهي عهدته الحالية، وهي إجابة عن ملايين الجزائريين الذين رفضوا هذه المقترحات وخرجوا في مسيرات مليونية جابت ولايات الوطن.
لكن الرسالة تحمل أيضا الكثير من الغموض فهو لا يحدد موعدًا محددًا لبدء ونهاية عملية الانتقال. كما أنه لا يحدد موعدًا لرحيله من السلطة.