search-form-close

ثلاثة أشهر منذ ميلاد الحراك .. الجزائريون يستمرون ويؤكدون “يتنحاو قاع”

  • facebook-logo twitter-logo

الجزائر – TSA عربي: اليوم الاربعاء 22 ماي، يدخل الحراك الشعبي شهره الرابع، دون أن يفقد قوته أو بريقه، فالتعبئة لا تزال قائمة، ولا يزال ملايين المتظاهرين يجوبون الشوارع كل يوم جمعة، ومئات الآلاف من الطلبة يخرجون كل ثلاثاء، بشعارات لم تتغير، تدعو كلها الى رحيل النظام، والانتقال الديمقراطي الحقيقي، رغم العديد من محاولات القمع تارة والالتفاف على الثورة تارة أخرى.

الحراك الشعبي 22 فبراير، لم يأتي وليد الصدفة، بل كان نتيجة تراكمات لسنوات عديدة من حكم نظام تفشى فيه الفساد بشكل لا يوصف، وأصبح ظاهرا للعيان، وتدحرجت فيه الجزائر الى المراكز الأخيرة في كل المجالات، والمراكز الأولى في كل ما هو قبيح كالفساد وانكماش الحريات والفقر وغيره، فقد كان من الممكن اندلاع هذه الثورة منذ سنوات.

ومن الارهاصات التي كانت بمثابة إعلان عن تمرد الشعب على وضعه المزري، تلك الإضرابات والمسيرات والاعتصامات وغلق الطرق، التي كانت بشكل روتيني خلال فترة العهدة الرابعة، إضافة إلى الاهازيج التي تهز الملاعب أسبوعيا، والتي تدين حكم بوتفليقة وتدعو للانعتاق، ولكن النظام لم يفهمها أو صم أذنيه على سماعها.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، الجميع يتذكر إضراب الأطباء الذي استمر طويلا أمام قبضة حديدية من أويحيى الذي يكان يشغل منصب الوزير الأول، كما يمكنا أن نتذكر غلق الطرقات بشكل يومي في ولاية بجاية مثلا، فكانت السلطة تلجأ إلى القمع عن طريق قوات مكافحة الشغب أو إلى نصف الحلول لشراء السلم الاجتماعي.

أول جمعة 22 فيفري

بعد عدة أشهر من التردد ، بما في ذلك محاولة تأجيل الانتخابات الرئاسية، تقرر السلطة تجربة العهدة الخامسة، وهي القطرة التي أفاضت الكأس وأرغمت الجزائريين على الخروج إلى الشارع، ذلك الخروج الذي كان ممزوجا بالأمل وبالخوف مما سيحدث لا سيما بعد التحذيرات والتهديدات المباشرة من أويحيى من الوضع في سوريا.

وسبق يوم 22 فيفري نداءات عديدة تدعو للخروج عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ورغم أن تلك النداءات كانت من طرف مجهولين إلا أنها كانت محل تأييد وقبول، لتكون المفاجأة كبيرة بعد صلاة الجمعة من يوم 22 فيفري، أمواج بشرية تكتسح الشوارع الرئيسية للمدن في اغلب الولايات، تهتف صراحة “مكاش الخامسة يا بوتفليقة”.

النظام حينها بدا مندهشا ولم يحرك ساكنا أمام الطريقة الحضارية غير المتوقعة للمسيرات، ولم يصحو النظام من دهشته حتى تفاجأ بآلاف الطلبة يخرجون في يوم الثلاثاء، إلى الشارع ليقول أيضا “لا للعهدة الخامسة”، ثم توالت المظاهرات لتشمل المحامين والقضاء والمعلمين وغيرهم من القطاعات الأخرى.

وفي 11 مارس، تم الاعلان عن تأجيل الانتخابات الرئاسية وعقد ندوة وطنية لفترة انتقالية، في رسالة منسوبة لبوتفليقة، ولكنها لم تقنع الجزائريين، الذين وسعوا مطالبهم الى “رحيل النظام”.

وفي الجمعة الثالثة والرابعة والخامسة من الحراك، سيُجبر قايد صالح على المطالبة بتطبيق المادة 102 من الدستور ، لكن الناس يطالبون بالمزيد ، الأمر الذي سيدفع رئيس أركان الجيش للمطالبة في 29 مارس، بتطبيق المواد 7 و8 و102 من الدستور، ليصبح الفريق في نظر الجزائريين جزء من الحل، ويعلقون آمالا على تصريحاته.

بعدها دفع الفريق قايد صالح بوتفليقة الى الاستقالة يوم 2 أفريل، بعد عقده اجتماعا مع قيادة الاركان، ومهاجمته بشكل مباشر ولأول مرة ” العصابة” التي كانت تعمل من أجل الالتفاف على الثورة الشعبية.

محاولات ومناورات

بعد رحيل بوتفليقة، أدرك الجميع أن مشكلة الجزائريين ليست مع شخص بوتفليقة فقط، بل مع كل حاشيته ورؤوس الفساد الذين عاثوا في الجزائر فسادا، فتبنوا شعار “يتنحاو قاع”، الذي أطلقه  بشكل عفوي عامل شاب في مطعم للوجبات السريعة في العاصمة، لقد كانت المطالبة واضحة ودقيقة ، وسيتم ترديدها وكتابتها والهتاف بها في كل جمعة.

ومع نمو الحراك الذي أدهش العالم بسلميته وحضاريته، حاولت دوائر خفية اللجوء الى طرق عديد لإضعفه أو تقسيم صفوفه، فعملت على تغذية النعرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكنها لم تفلح أمام إصرار الجزائريين، كما مارست أيضا العنف في المسيرات ومحاولة جر الشباب الى الاشتباك مع قوات الأمن.

رمضان الاصرار

وكانت السلطة تراهن على شهر رمضان، لعل الصيام يؤثر في الجزائريين فيدخلون بيوتهم، وينسون الحراك، ولكن كانت المفاجئة كبيرة، حين خرج الملايين في الجمعة 10 ماي، الى الشوارع رغم درجات الحرارة العالية.

ففي الجزائر العاصمة ، تحمل المتظاهرون درجات حرارة عالية وظلوا صامدين تحتها طيلة اليوم، وفي جنوب البلاد، تكيف المتظاهرون وتظاهروا في الليل. ومع كل هذا تصر الحكومة والرئيس المؤقت، المرفوضان شعبيا على البقاء وتنظيم الانتخابات الرئاسية يوم 4 جويلية.

لندخل في الشهر الرابع من عمر ثورة شعبية لا نظير لها في العالم.