search-form-close

حراك الجزائر… مبادرات بالجملة وحلول الأزمة مُعطّلة

  • facebook-logo twitter-logo

الجزائر- TSA عربي: تُسيطر المبادرات والدعوات إلى الحوار على المشهد العام في الجزائر، غير أن حالة الانسداد تبقى مستمرة، في ظل إصرار المؤسسة العسكرية على الذهاب نحو انتخابات رئاسية في أقرب وقت ممكن، يراها الشارع مجرد “مسرحية هزلية” مع بقاء رموز النظام السابق وغياب أسماء بارزة يمكنها قيادة البلاد نحو بر الأمان.

وتحولت الانتخابات الرئاسية التي تنتهي الآجال القانونية لإيداع ملفات الترشح لها في غضون ساعات، إلى نقطة خلاف بين الحراك وقيادة الجيش التي ترى -على ما يبدو- أن الشارع حقّق مكاسب عديدة، بمجرد منع عبد العزيز بوتفليقة من الترشح لعهدة رئاسية خامسة، وإلقاء القبض على المقربين منه، وهم الأشخاص الذين يُسميهم الفريق أحمد قايد صالح بـ “العصابة” ويحذر في كل مرة من تحركاتهم المشبوهة، وفق تعبيره.

الإصغاء للنخب والعقلاء

ورغم أن الجيش وقف إلى جانب الحراك الشعبي، إلا أنه يرفض لحد الساعة التجاوب مع مبادرات الخروج من الأزمة التي توالت من شخصيات سياسية وطنية وأحزاب المعارضة، بداعي أن الحل لا يجب أن يحيد عن الدستور.

آخر تلك الحلول المعروضة على الرأي العام الوطني، الصادرة عن وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي، الذي دعا المؤسسة العسكرية التي تتسم حسب رؤيته بالانضباط وتفادي التدخل المباشر في الشأن العام، إلى ضرورة الإصغاء إلى اقتراحات النخب وعقلاء القوم، وأن لا تكون سندًا لمؤسسات لا تحظى بالرضى الشعبي، حتى وإن كانت في وضع دستوري ثابت، إذ كان مبرمجًا لحالات عادية وليست استثنائية كالتي نمر بها اليوم، بحسب تأكيده.

الإبراهيمي يقترح ”الجمع بين المرتكزات الدستورية في المادتين السابعة والثامنة، وما يتسع التأويل فيهما على اعتبار أن الهبة الشعبية استفتاء لا غبار عليه، وبين بعض المواد الإجرائية التي تساهم في نقل السلطة دستوريًا”.

وتابع، ”أرى أن الحكمة تقتضي تغليب المشروعية الموضوعية على المشروعية الشكلية، انطلاقًا من حق الشعب في التغيير المستمر، فالدستور هو من وضع البشر، أي أنه لا يجب أن يكون متخلفًا عن حركة الواقع، ولا ينبغي أن يكون مُعوقًا لحركة المستقبل“.

وجاءت رسالة الإبراهيمي، بعد أيام من المبادرة السياسية التي قدمها رفقة الجنرال المتقاعد رشيد بن يلّس والحقوقي علي يحي عبد النور، اقترحوا فيها “مرحلة انتقالية قصيرة تنتهي بتنظيم انتخابات رئاسية، عقب فتح حوار صريح ونزيه مع ممثلي الحراك الشعبي والأحزاب السياسية المساندة للحراك والقوى الاجتماعية المؤيدة له، بغية إيجاد حلّ سياسي توافقي في أقرب الآجال يستجيب للطموحات الشعبية المشروعة المطروحة يوميا منذ ثلاثة أشهر تقريبا.

المزاوجة بين الحلين السياسي والدستوري

من بين المبادرات المطروحة في الساحة، تلك التي قدمها كل من علي بن فليس رئيس حزب طلائع الحريات وأحمد بن بيتور، رئيس الحكومة الأسبق والتي تتفق على ضرورة تطبيق نص المادتين 7 و8 من الدستور، إذ يعتقد بن فليس أن المخرج يكمن في “المزاوجة بين الحلّين الدستوري والسياسي والذهاب إلى تطبيق المادة 07 من الدستور، بشكل يضفي إلى حوار وطني جدي تنشطه إرادة سياسية للخروج بحلول عادلة ودائمة، على أن يكون هذا الحوار مع ممثلين مختارين من الحوار ومن كافة الفعاليات.

أما رؤية بن بيتور للحل تتمثل في “قراءة متأنية للدستور بهدف إيجاد حل سياسي، عبر تفعيل المادتين 7 و8 من الدستور، وتعيين حكومة انتقالية وتحديد كيفية تنظيم انتخابات رئاسية نزيهة ثم تحديد ورقة طريق للخروج من الأزمة”.

مرحلة إنتقالية بـ 6 أشهر

بالمقابل توافقت الأحزاب الإسلامية على نفس الرؤية للخروج من حالة الانسداد التي تعيشها البلاد، ودعت كل من حركة “مجتمع السلم” التي يتزعمها عبد الرزاق مقري، وجبهة العدالة والتنمية لرئيسها عبد الله جاب الله إلى تنظيم انتخابات رئاسية حرة ونزيهة في غضون “آجال انتقالية قصيرة في حدود ستة أشهر من الآن”، يعتقد مقري أنها تأتي بعد استبدال الباءات المرفوضة شعبيا.

في حين يقترح جاب الله “تعيين مجلس رئاسي يضطلع بمهام الرئاسة، يتكون من ثلاثة إلى خمسة أشخاص من ذوي الأهلية العلمية والخبرة المهنية والسيرة الحميدة، وعدم المشاركة في تسيير شؤون الدولة في عهد بوتفليقة، والمصداقية لدى الشعب وتبنيهم لمطالبه، حتّى يطمئن أنّهم أوفياء له وقادرين على تحقيق مطالبه، ومنع كل محاولات الالتفاف عليها”.

وبحسبه “تضطلع المؤسسة العسكرية بتقديم المساعدة اللازمة للهيئة حتّى تتولى مهامها بعيدًا عن كل إكراه أو عرقلة أو إملاء”، مشيراً إلى أن “المجلس الرئاسي يعين حكومة كفاءات تتولى تسيير الشؤون العادية للمواطنين، وتحافظ على الأمن والاستقرار وتوفر الشروط المادية اللازمة والمناسبة للعودة إلى المسار الانتخابي”.

ليتم بعدها- وفق جاب الله- “تكليف لجنة وطنية لإدخال تعديلات على قانون الانتخابات، يعقبه تنصيب الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات، تضم شخصيات ذات كفاءة وخبرة من الذين لم يساهموا في الحكم في عهد بوتفليقة، تكلف بملف الانتخابات تكليفاً يبدأ من مراجعة القائمة الانتخابية إلى إعلان النتائج وترسيمها”.