الجزائر- TSA عربي: عاد الجدل المثار حول خوصصة الشركات العمومية إلى الواجهة مجددًا، عقب التحذيرات التي أطلقها مجلس مساهمات الدولة فيما تعلق بإرتفاع مستوى الديون المتراكمة للشركات الحكومية التي تحولت إلى عبئ كبير على الخزينة العامة.
إدارة مجلس مساهمة الدولة حتى وإن لم تشر في إجتماعها الأخير برئاسة الوزير الأول أحمد أويحيى، بتاريخ 12 ديسمبر الماضي، مصطلح “الخوصصة” بشكل صريح وواضح، إلا أنها دقت ناقوس الخطر بشأن الوضعية المالية الحرجة للمؤسسات العمومية، بشكل يؤكد أن هذا الخيار غير مستبعد على الإطلاق ويمكن للحكومة أن تلجأ إليه في القريب العاجل.
وهو ما ذهب إليه، الخبير الاقتصادي، محفوظ كاوبي، الذي توقع بأن تتوجه الحكومة إلى إتخاذ قرارات هامة بشأن المؤسسات العمومية خلال السداسي الثاني من عام 2019.
ويقول كاوبي في تصريحات لـ “TSA عربي” اليوم الثلاثاء 15 جانفي، إن مصير الشركات العمومية سيُحدد عاجلًا أم آجلًا، سواء بخوصصتها أو بيع أصولها أو تصفيتها، لأن الخزينة العمومية غير قادرة على تحمل أعباء جديدة.
ويؤكد محدثنا أن قرار الخوصصة لم يُتخذ في وقت سابق، لأن الخزينة العمومية كانت في أريحية مالية، مكنتها من تغطية العجز وتسديد ديون الشركات المتراكمة لكن الوضع تغيير حاليًا، بعدما فقدت الجزائر نصف عائداتها المتأتية من الجباية البترولية منذ منتصف عام 2014.
وعليه، يرى الخبير الاقتصادي، أن تعليمة الوزير الأول أحمد أويحيى، الأخيرة الموجهة لجميع الوزارات بإتخاذ اجراءات استعجالية بخصوص ديون الشركات التابعة لها المستحقة لدى الخزينة العمومية، يُعد إشعارًا بالخطر، على اعتبار أن ديون المؤسسات كبيرة جدًا.
وأوضح محفوظ كاوبي، أن لجوء الحكومة إلى آلية التمويل غير التقليدي (طبع النقود) وتوجيه نسبة منها إلى تمويل الشركات العمومية كان حلًا نسبيًا فقط، بمعني أنه يساهم في حل مشاكلها بنسبة جد ضعيفة، وليس بطريقة جذرية.
ولجأت حكومة أحمد أويحيى، إلى تعديل قانون القرض والنقد، نهاية عام 2017 حتى يتمكن بنك الجزائر من إقراض الخزينة العمومية بشكل مباشر لتمكينها من مواجهة العجز في ميزانية الدولة، وتحويل بعض ديونها لدى البنوك أو المؤسسات العمومية، ومنح موارد للصندوق الوطني للاستثمار.
وسبق للوزير الأول أحمد أويحيى، أن واجه انتقادات لاذعة عقب دعوته لخوصصة المؤسسات العمومية، لتفادي انهيارها وحماية عمالها من التسريح.
وقال أويحيى في عدة مرات إن المؤسسات العمومية تتجه إلى مزيد من التدهور بسبب مشاكل وصعوبات في التسيير وثقل مخطط الأعباء، وعليه، فإنه يتعين بيعها لمستثمرين جزائريين، لكن دعواته قوبلت برفض من طرف الجميع.
وفجر اجتماع الثلاثية الشهير المنعقد بين الحكومة برئاسة أحمد أويحيى، والاتحاد العام للعمال الجزائريين وأرباب العمل، بتاريخ 23 ديسمبر من عام 2017 جدلًا واسعًا في البلاد، بسبب ميثاق الشراكة القاضي بفتح جزء من رأسمال المؤسسات، قبل أن يتدخل الرئيس بوتفليقة لإلغائه عبر تعليمة نُسبت لرئاسة الجمهورية.
وبعدها، سارع أحمد أويحيى، لتوضيح فحوى التعليمة في لقاء جمعه مع كوادر حزبه التجمع الوطني الديمقراطي، بالإشارة إلى ” وقوع سوء فهم بشأن موضوع الخوصصة التي أخذت مساراً طويلًا منذ سنوات” مؤكدًا أن “تعليمة الرئاسة أزالت اللبس، ولم تأتي ضده كما أراد البعض الترويج له، لأن مجلس الوزراء هو من يفصل في حال فتح رأسمال أي شركة عمومية عاجزة ماليًا”.