الجزائر – tsa عربي: المحامي والحقوقي مقران آيت العربي، من أبرز الشخصيات التي لها باع في النشاط السياسي في الجزائر، كما يحظى بتقدير وتأثير كبير وطنيا، غير أن مساندته للمترشح اللواء المتقاعد علي غديري فتحت الأبواب أمام تساؤلات الجزائريين، الأمر الذي جعل آيت العربي يخرج عن صمته للإجابة عن سؤال “لماذا أساند ترشح علي غديري”.
وجاء في بيان لمقران آيت العربي تلقى “tsa عربي” نسخة منه “أثارت مساندتي لترشح علي غديري موجة من التساؤلات الشرعية، وأحيانا خيبة أمل يمكن تفهمها في الحالة الراهنة”، قبل أن يضيف “وإلى جانب شرعيتها، فإن ردود الفعل هذه من شأنها أن تبعث النقاش حول المسائل الجوهرية التي تهمّ مستقبل البلاد، وهذا بالرغم من محاولات تكميمها من أطراف جعلت من التلاعب برنامجا سياسيا لها واتخذت من الشتم والإشاعات منهجا فكريا”.
كما طرح آيت العربي تساؤلات قبل أن يجيب عليها “ما الذي يجمع بين محام قديم العهد بالدفاع الميداني عن حقوق الإنسان، ولواء متقاعد ؟ ما الذي قرّب “معارضا سياسيا ضحّى بحريته من أجل الدفاع عن قناعاته”، من رجل “انحدر من السلالة العسكرية وانخرط مؤخرا في النضال السياسي”؟
ويقول آيت العربي “بعيدا عن السيناريوهات، الخيالية أحيانا، التي يروّج لها عن قصد في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الصالونات التي تحاك فيها المؤامرات، فإن الحقيقة أبسط بكثير. فما علي غديري وأنا إلا مواطنان من أصول اجتماعية متواضعة ومسارين خارجين عن المألوف، ينبذان صراع الأنانيات ونجحا في إيجاد أرضية توافق حول القيم المشتركة التي يؤمنان بها”.
لواء .. كلمة تثير انعدام الثقة
يرى آيت العربي أن كلمة لواء تثير حفيظة الجزائريين، حيث يقول “بالنسبة للجزائريين الذين أضنتهم الممارسات القمعية والشمولية الصادرة من حكامهم والتي سلبتهم كرامة كانوا يفتخرون بها في الماضي، فإن كلمة “لواء” (جنرال) ولو كان متقاعدا، تشكّل إعاقة. وهي كلمة تثير الارتياب وانعدام الثقة في أحسن الحالات، وفي أسوأها تقود إلى الرفض القطعي”.
ويضيف “ولكن عندما يحمل رتبة اللواء رجل ذو قناعات وعزيمة ونزاهة معترف بها ومسار مشرّف، فإن هذه الرتبة تصبح ميزة لا تقدّر بثمن، إذ من شأنها أن تفرض على القوى الرجعية وجماعات المصالح التي تتحكم في زمام البلاد منذ الاستقلال التغيير الذي نصبو إليه والذي تقتضيه الحتمية التاريخية. وللتأكد من ذلك، يكفي النظر إلى ردود الأفعال العنيفة والخارجة عن القانون والأخلاق، الرامية إلى عرقلة مساعيه والتي تذكرنا بعصر قطّاع الطرق”.
كما يؤكد مقران آيت العربي أنه رفقة غديري لا يعدون “بمسيح ولا بمهدي منتظر ولا بسفينة نوح”، وإنما “الواقع المرير يفرض علينا اليوم الاقتناع بأن بناء الجمهورية الجديدة، التي نريدها ديمقراطية عصرية تحترم فيها القيم التي تبنى عليها المجتمعات التعددية”، وهو الأمر الذي “سيمرّ حتما بتجند المواطنات والمواطنين، عن طريق احتلال الساحة السياسية لفرض إرادتهم في التغيير”.
قطيعة عمودية
كما يؤكد المحامي أنه حان الوقت لإحداث قطيعة عمودية تنضم إليها الأحزاب السياسية بكل اتجاهاتها (من الأغلبية إلى المعارضة)، والمجتمع المدني، والمؤسسات، ووسائل الإعلام،… قطيعة أخلاقية هدفها عزل الفاسدين وزبائن النظام لإبطال مفعول الأذى الذي ألحقوه بالبلاد. قطيعة تزرع الأمل من جديد في تجسيد حلم صانعي ثورة نوفمبر 1954، الذين تحدّوا الموت بصدورهم من أجل أن تحيا الجزائر حرة مستقلة ومن أجل أن يذوق أبناؤهم وأحفادهم طعم الحرية، بل الحريات التي تبنى حولها المجتمعات الراقية.
ويضيف “من قاع المأزق الذي جرّنا إليه النظام وجنّد فيه زبائنه الأوفياء للدفاع عن مصالحهم وعن المزايا التي ينعمون بها على حساب المستضعفين، لا يسعنا سوى أن نتجند من جهتنا كصفّ واحد من خلال تجمّع شعبي تقوده الأخلاق ..”.
كما دعا الجزائريين الى “الشفافية في الحياة العامة”، و”لتحرّر العدالة من الرضوخ للسلطة السياسية ومن استعمالها لخدمة المصالح الخفية”، وأن يكون “القانون حقا فوق الجميع، سواء “يحمي أو يكره”، يتساوى أمامه الضعفاء والجبابرة”.
كما حاول مقران آيت العربي الدفاع عن الهوية الجزائرية في قوله “ولننظر لهويتنا التعددية، لا كخطر يمكن التلاعب به حسب أهواء القوى المتصارعة على السلطة، بل كفرصة ثمينة يجب اغتنامها لجمع شمل كل مكونات مجتمعنا”، أيضا “من أجل حماية الدين من تلاعب السياسة، والسياسة من التقديس”، ومن أجل أن تحظى اللغتان الوطنيتان والرسميتان، اللتان تريد قوى الزعزعة أن تزرع بينهما الضغينة والبغضاء، بنفس المكانة على قدم المساواة، وبنفس الوسائل لترقيتهما، كتعبير عن الاحترام الواجب للناطقين بهما.
ومن أجل التوقف عن التصدي للغات الأجنبية على أنها “اعتداء استعماري جديد”، لنعيد لها الاعتبار كفرصة حضارية للالتحاق بأمم العلم والتفتح والعالمية والعصرنة.
كما يؤكد آيت العربي أن ما حمله المترشح علي غديري “ليست وعودا مغرية تهدف إلى كسب أصوات الناخبين، لأن ذاكرة الجزائريين قوية وقد سئموا الوعود المزيّفة، ولكنها أهداف سطرناها ويتوقف تجسيدها على عاملين : الإرادة السياسية والتجند الشعبي”، ليخلص الى القول “من أجل حمل هذا المشروع الطموح والواقعي في نفس الوقت، قرّرت أن أقف إلى جانب المترشح علي غديري”.