search-form-close

هل يغامر أويحيى بمستقبل الجزائريين ؟

Sidali Djarboub / New Press
  • facebook-logo twitter-logo

مشروع تعديل قانون النقد والقرض الذي يسعى من خلاله الوزير الأول أحمد أويحيى لمواجهة الأزمة المالية سينزل للبرلمان قريبا، وستتم مناقشته بطريقة سريعة جدا قد لا تعطي الوقت الكافي للمعارضة البرلمانية بإبداء رأيها فيه وتوضيحه للرأي الام، وحتى لو أعطيت لها الكلمة فلن ينتهي به المطاف إلا برفع الأيدي من طرف نواب الأغلبية.

قانون سيتم تجسيده في أقرب وقت لأن الحكومة متأكدة بأن النواب سيرفعون أيديهم للموافقة عليه دون نقاش تماما كما فعلوا مع قوانين سابقة بما فيها تلك التي جاء بها الوزير الأول السابق عبد المجيد تبون والتي كانت سببا في تنحيته.

لكن لماذا لم تفتح الحكومة نقاشا واسعا حول هذا المشروع المصيري الذي يحذر منه العدد الأكبر من الخبراء الاقتصاديين، كما دعا في وقت سابق الخبير المالي عبد الرحمان مبتول، الذي اقترح فتح نقاش وطني بشأن القرارات التي تنوي الحكومة اتخاذها بمراجعة قانون النقد والقرض، والتوجه صوب التمويلات غير التقليدية.

فخبرة مبتول جعلته يحذر من تكرار سيناريو “فنزويلا” في الجزائر بسبب أن الآثار الضارة المحتملة لهذه الإجراءات في حال تدخل الحكومة في السياسة النقدية لبنك الجزائر التي تقع دستوريا تحت سلطة رئيس الجمهورية، وما يتعلق بضخ مزيد من الأموال عبر التمويل غير التقليدي (عن طريق طباعة النقود فيما يتعلق بالدينار) والتي لن تذهب إلى القطاعات التي تخلق قيمة مضافة. وقال مبتول أن هذه السياسة ستؤدي إلى الإفلاس كما وقع في فنزويلا.

وهو نفس الطرح الذي حذر منه كريستوفر ديمبيك الذي يشغل منصب مسؤول أبحاث الاقتصاد الكلي في “ساكسو بنك” في باريس. الذي قال إن اللجوء إلى التمويل غير التقليدي، يتمثل في “طباعة النقود”. وهذا يعني بنك الجزائر، سينتج مزيدا من الأموال.

ويرى الخبير الاقتصادي، في حوار مع موقع “كل شيء عن الجزائر” بأن الخيار الذي ستنتهجه الحكومة لمواجهة الأزمة “يتعارض مع الفكر الاقتصادي”. وهو بمثابة “هروب إلى الأمام ولن يعالج الوضع”.

السياسيون أيضا يحذرون من تبعات هذا القانون، مثل عبد الرزاق مقري الرئيس السابق لحكة مجتمع السلم، والذي كتب مقالا نشر في الموقع الرسمي للحركة، اعتبر فيه أن “وضعية الاقتصاد الجزائري يشبه هذا الإجراء حال شخص أفلس وليس له كنز ولا مدخرات ولا يستطيع بيع بضائع أو خدمات بالمقابل فقام بطبع أوراق مالية بطريقة غير شرعية”، ويرى مقري أن الفرق بينه وبين الحكومة يتمثل في ” أن الحكومة الجزائرية لها أغلبية برلمانية لا تسألها عن شرعية ومنطقية هذا الإجراء”.

ويضيف مقري أن أويحيى قدم برنامجه “بمبررات مخادعة وواهية بذكر الدول التي لجأت إليه، كأمريكا واليابان والمملكة المتحدة، وقد تعمدوا عدم قول الحقيقة للجزائريين أن تلك الدول لها عملات قوية هي عملات صعبة تستعمل في الصناديق السيادية، ولها ما يقابل من إنتاج وطني”.

وبحسب مقري فإن هذا القانون ومن ورائه التمويل غير التقليدي ” سيتسبب من خلال طباعة الأوراق النقدية في توفر كمية كبيرة من النقود الوهمية تؤدي إلى طلب كبير على السلع يؤدي إلى تضخم أسعار البضائع فتنهار قيمة الدينار ويتسمم، وتصبح كمية كبيرة من النقود لا توفر إلا كمية قليلة من السلع والبضائع (“قفة” نقود توفر “كمشة” بضائع)، فيكتشف الجزائريون بعد فترة قليلة بأنهم خدعوا وأن أحوالهم المعيشية صارت لا تطاق وأن الأفق أمامهم مسدود، ثم تنتقل الأزمة من الأفراد إلى المؤسسات بعد تعاظم التضخم فتعجز عن تحمل أعباء الأجور فترتفع معدلات البطالة، فتتحول الأزمة الاقتصادية إلى أزمة اجتماعية وتوترات خطيرة مفتوحة على كل الاحتمالات”.

وهذا الطرح الذي جاء به الرجل السياسي عبد الرزاق مقري يتفق تماما مع ما قاله الخبير المالي عبد الرحمان مبتول الذي أكد أنه ” من غير المعقول إعتماد خطة التمويل غير التقليدي في الحالة الجزائرية، لأن هذه الخطة صالحة في الدول ذات إقتصاد سوق تنافسي، بينما في الجزائر لا نجد في البورصة لا سوناطراك ولا سونلغاز ولا أي مؤسسة كبيرة”.

وينصح مبتول الحكومة بالشروع فورا في إصلاحات  شاملة للخروج من التبعية للمحروقات، قائلا “الجزائر في ستبمبر 2017 تعاني من أزمة هيكلية وليست مالية، لكن إستمرار الوضع سيؤدي بنا في آفاق 2018 و2019 إلى التفاوض مع الأفامي لأن الأزمة الهيكلية حينها ستلتقي مع الأزمة المالية”.